اندلعت اشتباكات في الخرطوم، صباح السبت، بين قوات الجيش التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية الموالية لحليفه السابق محمد حمدان دقلو، في تحول مفاجئ للصراع بينهما إلى نزاع مسلح. وشارك الطيران الحربي في الهجوم على معسكرين لقوات الدعم السريع في الخرطوم، وسط استمرار الاشتباكات بين الطرفين اللذين تبادلا الاتهامات ببدء القتال. وأشار الجيش في بيان له إلى أن "القوات الجوية هاجمت معسكر طيبة ومعسكر سوبا التابع لميليشيا الدعم السريع" في الخرطوم، بينما أعلنت قوات الدعم السريع "السيطرة الكاملة" على القصر الجمهوري في وسط الخرطوم ومطار الخرطوم ومطاري مروي (شمال) والأبيض (وسط)، لكن الجيش اعتبر هذه التصريحات منافية للصحة، موردا أن قواته تسيطر على مقار القيادة العامة والقصر. من جهته، وصف قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بأنه "مجرم"، واتهم الجيش بتنفيذ انقلاب. وقال حميدتي، في تصريحات إعلامية، إن قواته أُجبرت على الدخول في مواجهة بعد اندلاع اشتباكات مع الجيش في أنحاء البلاد بعد أيام شهدت توترا بين القوتين. مقتل مدنيين منذ ساعات الصباح الأولى، سمع في الخرطوم دوي قوي لانفجارات وإطلاق نار قبل أن تتهم قوات الدعم السريع، في بيان، الجيش بمهاجمة معسكراتها. ورد الجيش بعد قليل باتهام مماثل للقوات شبه العسكرية بالمبادرة بالهجوم على قواعده. وتحدث شهود عن "مواجهات" ودوي انفجارات وإطلاق نيران سمع بالقرب من قاعدة تتمركز فيها قوات الدعم السريع في جنوبالخرطوم. وسمع مراسلو فرانس برس إطلاق نار بالقرب من مطار الخرطوم وفي شمال العاصمة السودانية. من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن نقابة أطباء السودان قولها إن ما لا يقل عن ثلاثة مدنيين قُتلوا في الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني. وتبادلت قوات الدعم السريع والجيش السوداني الاتهامات بالمبادرة بالقتال، إذ أكدت قوات الدعم السريع، في بيان، أنها "تفاجأت صباح اليوم السبت بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل إلى مقر تواجد القوات (التابعة للدعم السريع) في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم وتضرب حصارا على القوات المتواجدة هناك، ثم تنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة". من جانبه، قال الناطق باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، لوكالة فرانس برس: "هاجم مقاتلون من قوات الدعم السريع عدة معسكرات للجيش في الخرطوم ومناطق متفرقة في السودان". وأضاف أن "الاشتباكات مستمرة والجيش يؤدي واجبه في حماية البلاد". صراع البرهان وحميدتي وكان البرهان وحميدتي يشكلان جبهة واحدة عندما نفذا الانقلاب على الحكومة في 25 أكتوبر 2021. إلا أن الصراع بينهما ظهر إلى العلن خلال الشهور الأخيرة، وأخذ في التصاعد. وقبل يومين، حذر الجيش السوداني، في بيان، من أن البلاد تمر ب"منعطف خطير" بعد انتشار قوات الدعم السريع المسلحة في الخرطوم والمدن الرئيسية. ويأتي اندلاع هذا النزاع المسلح فيما يشهد السودان انسدادا سياسيا بسبب الصراع بين الجنرالين. فمطلع الشهر الحالي، تأجل مرتين التوقيعُ على اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد منذ انقلاب بسبب خلافات حول شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهو بند أساسي في اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه. وكان يفترض أن يسمح هذا الاتفاق بتشكيل حكومة مدنية، وهو شرط أساسي لعودة المساعدات الدولية إلى السودان، أحد أفقر بلدان العالم. وكانت قوات الدعم السريع شُكلت في 2013 وانبثقت عن ميليشيا الجنجويد، التي اعتمد عليها الرئيس السوداني السابق عمر البشير لقمع التمرد في إقليم دارفور.