هل يمكن تصور ديمقراطية بدون أحزاب سياسية؟ بداية ماذا تعني الديمقراطية؟ وماذا يعني الحزب السياسي؟ الديمقراطية في أبسط تعريف لها تعني حكم الشعب بواسطة الشعب ولصالح الشعب. أما الحزب السياسي فهو عبارة عن تنظيم دائم لمجموعة من الأشخاص يؤمنون بنفس الأفكار أو الإيديولوجيا، ويسعى إلى المساهمة في الحياة السياسية عن طريق الوصول إلى السلطة السياسية وممارستها ولا يهدف إلى الربح المادي. إن نموذج الديمقراطية المباشرة الذي بشر به "جان جاك روسو" في العقد الاجتماعي لا يعترف بالوسطاء السياسيين، حيث يحكم الشعب نفسه بنفسه، أما الظاهرة الحزبية وإن ولدت في الغرب في سياقات مختلفة فإنها اليوم أصبحت متجاوزة لعدة أسباب نذكر منها: – تآكل شرعية الأحزاب السياسية التقليدية. تراجع دور الأحزاب السياسية والتخلي عن أدوارها ووظائفها. – تراجع وضبابية التوجهات الإيديولوجية. – موجهة الكراهية الشعبية للأحزاب السياسية. – العزوف السياسي / ظاهرة اللاتسييس. – تعاظم دور الجمعيات الأهلية أو جمعيات المجتمع المدني. – العزوف الانتخابي. – عدم تجديد النخب السياسية وتوريث القيادة الحزبية. – استعمال العمل الحزبي كوسيلة للاغتناء والدفاع عن المصالح الخاصة. – تراجع القيم والمبادئ الحزبية. – وصول الشعبويين للسلطة. إن هذه الظاهرة، ظاهرة تراجع جاذبية الأحزاب السياسية، ظاهرة عالمية ولا تقتصر على دول العالم الثالث، بل إن هذا الإشكال مطروح اليوم حتى في أعرق الديمقراطيات الغربية، فهل حان الوقت لرسم ملامح نظام ديمقراطي مباشر وأكثر انفتاحا، يتراجع فيه دور الأحزاب السياسية ورجال السياسة، والبحث عن آليات ومقاربات جديدة لتدبير الشأن العام عبر ديمقراطية مباشرة أو ديمقراطية تشاركية. إن الطاقات الهائلة في المجتمع لا يمكن اختزالها في الأحزاب السياسية والمنتسبين لها، بل إن رجال الأعمال والمثقفين والمبدعين والمفكرين وحاملي المشاريع من الشباب حان الوقت لفتح المجال لهم للمساهمة في تدبير الشأن العام وفق تصور جديد بعيد عن الصراعات السياسية وبيع الأوهام للشعوب.