قُوبلت مخرجات الاجتماع الأخير بين النقابات التعليمية الأربع الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023 مع الحكومة بانتقاد شديد من لدن عدد من أعضاء التنسيقيات الممثلة لنساء ورجال التعليم، وذهب بعضهم إلى اتهام النقابات ب"التواطؤ" مع وزارة التربية الوطنية في عدم تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الطرفين. ويتخوف الفاعلون التربويون المنتقدون لنتائج مسلسل التفاوض بين النقابات الأربع والوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية من أن يلقى اتفاق 14 يناير 2023 مصير الاتفاق الموقع في 18 يناير 2022، والذي قال عبد الوهاب السحيمي، عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة حاملي الشهادات، إنه "لم يُنفّذ منه ولو بُند واحد". وأوضح السحيمي، في تصريح لهسبريس، أن اتفاق 18 يناير، الذي تضمّن تسوية ستة ملفات عالقة، "كانت بنوده واضحة، وعُلقت عليه آمال نساء ورجال التعليم، وتم توقيعه تحت إشراف رئيس الحكومة؛ لكنه، وبعد مضيّ سنة وشهرين، لم ينفذ منه شيء، على الرغم من أن بلاغا للحكومة أكد أن الملفات التي شملها الاتفاق ستتم تسويتها قبل متم 2022". وأضاف المتحدث ذاته: "حين رأت الحكومة أنها لم تنفذ شيئا من اتفاق 18 يناير، دفعت النقابات الأربع نحو توقيع اتفاق جديد، لم يكن مختلفا في شيء عن الاتفاق السابق سوى بإضافة بعض الملفات، وكله هذا من أجل ربح الوقت". وعقدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أول أمس الجمعة، اجتماعا مع النقابات التعليمية الأربع (الجامعة الوطنية للتعليم UMT، والنقابة الوطنية للتعليم CDT، والجامعة الحرة للتعليم UGTM، والنقابة الوطنية للتعليم FDT)، بطلب من النقابات المذكورة، حددت فيه الوزارة تواريخ إصدار المراسيم المجسدة لاتفاق 14 يناير. واتفق الطرفان، حسب ما جاء في بلاغ مشترك أصدرته النقابات الأربع، على عقد اجتماع يوم 25 أبريل، "لعرض مشروع مرسوم النظام الأساسي الجديد ومناقشته في ضوء المقترحات النقابية والعمل على تجاوز النقط الخلافية". وبخصوص مشاريع المراسيم المتبقية من اتفاق 18 يناير 2022، حددت الوزارة تاريخ الإعلان عن مباراة تغيير الإطار لفائدة حاملي الشهادات العليا قبل متم يونيو المقبل، بعدما كان مقررا، حسب نص الاتفاق المذكور، أن يتم تنظيم المباراة قبل نهاية سنة 2022. ويتوجس الأساتذة المعنيون بالمباراة من تأجيل تنظيمها مرة أخرى، حيث أشار عبد الوهاب السحيمي إلى إن بلاغ النقابات الأربع أشار فقط إلى أن تاريخ المباراة سيتم الإعلان عنه قبل يونيو المقبل؛ ما يعني، حسبه، "مزيدا من التسويف والتماطل"، مستبعدا تنظيمها. وذهب المتحدث ذاته إلى القول: "لا يمكن لوزارة التربية الوطنية والنقابات الأربع أن ترفع منسوب ثقة نساء ورجال التعليم بهذه الطريقة"؛ بينما قال يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، في تصريح سابق لهسبريس، إن تنزيل اتفاق 14 يناير لم يتأخر، "لأن إعداد مسوّدة النظام الأساسي يتطلب وقتا". وأشارت النقابات التعليمية الأربع، في بلاغها المشترك عقب الاجتماع المنعقد يوم الجمعة الماضي، إلى أنه سيتم الإعلان عن برنامج التكوين لفائدة المكلفين بالتدريس خارج سلكهم الأصلي، وإدماج المساعدين التقنيين والإداريين في النظام الأساسي لجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية، وأنها "قدمت مجموعة من المقترحات بشأن معالجة ملفات باقي الفئات التعليمية المتضررة بناء على ما توصلت به عبر ممثليها بعد توقيع اتفاق 14 يناير 2023". النقابات الأربع أكدت أيضا أنها تعكف على تتبع تنفيذ الوزارة لالتزاماتها التي وقعت عليها باتفاق 14 يناير، لا سيما تلك المحددة بآجال زمنية قصيرة ومتوسطة، "والتي يجب على الوزارة احترامها تحصينا للاتفاق وترسيخا لمبدأ التدبير التشاركي المؤطر للنظام الأساسي المقبل"، منبهة إلى البطء الذي يرافق معالجة المطالب العادلة والمشروع لنساء ورجال التعليم. في المقابل، ترى الأطراف التعليمية المنتقدة لوزارة التربية الوطنية وللنقابات الأربع أن هذه الأخيرة لم تنهض بدورها على النحو المطلوب، من أجل دفع الوزارة إلى تنفيذ التزاماتها. وذهب عبد الوهاب السحيمي إلى القول "إن النقابات متواطئة مع الوزارة، وإلا فإن لديها عددا من الآليات التي يمكن أن تستعملها كورقة ضغط لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، كأن تقاطع الاجتماعات، أو تنسحب من المؤسسات الرسمية الممثلة فيها، والقيام بخطوات نضالية..."؛ مضيفا: "للأسف، النقابات لا تحس بما يعانيه نساء ورجال التعليم، وما يهمها فقط هو الدعم الحكومي الذي تستفيد منه، والاستفادة من مزايا التفرغ النقابي".