حذّر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خطر انتشار الأخبار الزائفة، لما تشكله من تهديد للثقة في مؤسسات الدولة، والأمن المجتمعي، وانتهاك الحياة الخاصة للأفراد، محمّلا المسؤولية الأكبر في نشر هذه الأخبار للمؤسسات التي لا تطبق مقتضيات القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات. ورغم أن القانون المذكور يُلزم المؤسسات العمومية بنشر المعلومات التي بحوزتها، بشكل استباقي، حتى وإن لم تتلقّ طلبا لنشرها من طرف المواطنين، إلا أنه لم يحدد أجلا معينا لنشرها، وهو ما حذا بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى التوصية بنشرها على بواباتها الإلكترونية في أجل لا يتعدى 24 ساعة من توفّرها. أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس، على هامش اللقاء الذي قدم فيه تقريره حول الأخبار الزائفة، قال إن "عددا كبيرا من الإدارات والمؤسسات العمومية لا تنشر ولا تحين المعلومات التي بحوزتها بكيفية ممنهجة ومنتظمة، رغم أن القانون رقم 31.13 يُلزمها بذلك"، مشيرا إلى أنه "حتى حين يطلب المواطن المعلومات لا يجدها أو يواجه صعوبات كبيرة في الحصول عليها"، ومرجعا سبب ذلك إلى "قلة الموارد البشرية لدى المؤسسات المعنية أو ضعف تأهيل الموارد المتوفرة". وحذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من الخطر الذي تشكله الأخبار الزائفة، التي تكون على شكل مقالات صحافية أو فيديوهات أو صور أو تعليقات... "فعلاوة على كونها تتضمن معطيات كاذبة أو غير دقيقة أو ناقصة، بُغية تضليل الرأي العام، فإنها تؤدي، من جهة ثانية، إلى صناعة رأي عام مواز ومزيف، وهذا هو الأخطر"، بحسب الشامي. وتطرق المتحدث ذاته لبعض مظاهر التأثير السلبي للأخبار الزائفة التي انتشرت في المغرب خلال الآونة الأخيرة، "مثل تداول معطيات غير صحيحة حول سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار، ونشر إشاعات حول اللقاح ضد فيروس كورونا تفيد بأنه يحتوي على شريحة تمكّن من مراقبة الملقحين، وهو ما حذا بعدد من الناس إلى عدم الإقبال عليه". وقال الشامي إن "الأخبار الزائفة تخلف تداعيات جد سلبية، حقوقية وسياسية واجتماعية، تمس بالثقة في المؤسسات، وتضرب الشعور بالأمن والأمان داخل المجتمع، كما تشكك في الحسّ السليم، خاصة في وقت الأزمات، على غرار ما حصل في فترة جائحة كورونا". وسجّل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عدم وجود مقاربة شمولية لإحداث منصات للتحقق من صحة المعلومات، إذ لا توجد في المغرب سوى أربع منصات تعود ثلاث منها إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ووكالة المغرب العربي للأنباء، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري؛ إضافة إلى منصة لمتدخل خاص. وقدم المجلس ذاته جملة من التوصيات للتصدي لانتشار الأخبار الزائفة، داعيا إلى تأمين الوصول إلى المعلومة الموثوقة، وتفعيل مقتضيات القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات وإلزامية نشرها في أجل لا يتعدى 24 ساعة من تاريخ توفرها. كما أوصى المجلس بخلق بوابة وطنية لرصد الأخبار الزائفة من أجل كشفها وتكذيبها؛ وتقديم الدعم لمواقع التحقق من المعلومات، مع الحرص على حيادها، ودعم مبادرات إنشاء نظم لرصد المعلومات الزائفة في أوساط المهنيين للتحقق منها قبل نشرها. وفي ما يخص المهنيين، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتعزيز قدراتهم في رصد الأخبار الزائفة والتحقق من صدقيتها قبل نشرها، تفعيلا لمبدأ أخلاقيات المهنة؛ فيما دعا المواطنين إلى التحلي بالحسّ النقدي وبذل مجهود من أجل البحث عن الأخبار الصحيحة وعدم الانسياق وراء الإشاعات.