يسعد مسؤولينا في القطاع السمعي البصري بالمغرب، بكَيْل الشماتة للمواطنين والإمعان في الاستخفاف بمشاعرهم، كلما تعلق الأمر بكارثة من الكوارث التي تحدق بهم..فقد بدَا واضحاً في أكثر من مناسبة أليمة، استخفاف التلفزيون المغربي بمشاعر المشاهدين والاستهانة بهم بدون مراعاة لأخلاقيات المهنة ولا الضمير الانساني الذي يفرض الاهتمام بأولويات المنكوبين و تسليط الضوء على معاناتهم و مشاكلهم.. "" إذ وبينما يعيش المواطن المغربي أسوأْ أيامه جراء التبعات الكارثية التي خلفتها الفيضانات الأخيرة، نجد قناة دار البريهي بالرباط تولي جل اهتمامها للأنشطة الملكية التي غالباً ما تكون غير ذات أهمية بالمقارنة مع حجم الخسائر التي طالت المواطنين في ممتلكاتهم وبين ذويهم..والأمثلة كثيرة بهذا الشأن، ففي النشرة الرئيسية للقناة المغربية الأولى التي بثت يوم الجمعة: 06/02/2009، تم تسبيق مراسيم صلاة الملك محمد السادس إلى جانب ولي عهد دولة قطر، بمسجد النيجر بإيفران.. بالمقابل توفي: 22 شخص بسبب الفيضانات الجارفة التي شهدتها في مناطق سيدي سليمان، البيضاء، فاس... نشرة الاربعاء: 04/02/2009 (النشرة الرئيسية)، لم تكن أفضل من سابقتها لدى جمهور المتتبعين لما حل ببلادهم من كوارث طبيعية، فقد استهلت المذيعة النشرة الإخبارية ببُشرى للمشاهدين بأن الأمطار كانت إيجابية ببلادنا مع ارتفاع منسوب مياه السدود.. واستضافت كاتب الدولة في شؤون الماء، ليثني على تجربة الملك الراحل الحسن الثاني في مجال السدود.. في المقابل تعرف مناطق مختلفة من المملكة أسوأ الآثار لأمطار هذه السنة، إذ تسببت التساقطات المطرية باقليم الحسيمة وحده في مقتل ثلاثة أشخاص..وهو الخبر الذي يأتي في المرتبة الثانية حسب القناة المغربية الأُولى..!! أما نشرة يوم السبت: 07 فبراير 2009، فكانت على الشكل التالي: - الخبر الأول: ترأس صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم لأمسية فنية تضامنية مع غزة التي حضرتها حرم السفير المصري بالرباط.. - الخبر الثاني: استعرض المذيع لواقع المغرب في مواجهة آثار الفيضانات خاصة فيضان وادي بهت بسيدي سليمان.. - الخبر الثالث: فيضان وادي سبو بسيدي قاسم و آلاف المنازل التي غمرتها المياه.. - الخبر الرابع: شفشاون و المئآت من الأُسر بدون مأوى بعد انهيار منازلهم نتيجة الفيضانات.. كما أن التلاميذ انقطعوا عن الدراسة مدة 15 يوم، حسب روبورتاج المذيع..بالاظافة إلى الطرق المقطوعة وانقطاع التيار الكهربائي.. - الخبر الخامس: خنيفرة وفاة شخصين بعد انهيار منزلهما نتيجة كارثة الفيضان.. - الخبر السادس: أزيلال: انهيار 16 منزلاً بسبب الفيضانات التي شهدتها المنطقة... الخبر مقدس، والتعليق حر...!! إن هذا الأمر يحيلنا على عدة سياقات سخيفة أضحت تتخذها القناة الأُولى في تحد صارخ لأبسط المتطلبات التي من حق المواطن المغربي أن يحظى بها .. ولعل أبرز تلك السياقات ، سياسة اللامبالاة التي تنهجها إدارة القناة بخصوص منتوجها الإخباري ، الذي لا تتم فيه مراعاة ولو الحد الأدنى من متطلبات المستهلك.. ومن خلال ما سبق نجد أن هذه الأخيرة (القناة المغربية الأُولى)،مازالت تحتل المراتب الأولى عالميا في مجال الإستهجان بمشاهديها واحتقارهم ..وذلك يعطي الانطباع لدى هؤلاء المغاربة الذين يمولون هاته القناة، بالغبن و المهانة بالنضر الى سياسة صم الاذان و (قولو العام زين..) التي ينهجها المسؤولين عن القناة.. طبعا فان عقلية مسؤولي هذه المهزلة -عفواً- هذه القناة ، تفضل النشاط الملكي، الروتيني، وتعتبره أهم من أي حدث اخر مهما بلغت حدة مأساويته..أما ما يحل بالبلاد و العباد من كوارث وأخطار، فإلى الجحيم طالما أن المعنيين غير مُبالين و يلجؤون إلى القنوات الفضائية التي يجدون فيها ملاذهم بلا منازع.. وحتى إذا تكرمت القناة و بثت تقريرا ما عن أي حدث له علاقة بالواقع الاجتماعي المزري لشريحة واسعة من المغاربة، فان طريقة تناول الخبر تكون غالبا مليئة بالمغالطات و تحليل الواقعة أو الحدث يكون شحيحاً ، الهدف منه تمويه الرأي العام لا اقل ولا أكثر..! إن ما يقترفه مسؤولو القطاع الإعلامي المرئي بالمغرب، والقناة الأولى على الخصوص، في حق الملايين من المغاربة الذين يضطرون للهجرة نحو القنوات الأجنبية المحترمة التي يحفل بها الفضاء الاعلامي، خاصة منها القنوات الإخبارية التي تنقل الأحداث اولا بأول وتكتسي طابع النزاهة و المصداقية..إنما يعتبر جريمة حقيقية في حق المشاهد المغربي، و الضرورة تحتم معاقبة المجرمين.. و أعتقد أنه على المنظمات و الجمعيات المستقلة، التحرك في اتجاه النضال من أجل إستئصال تلك العقليات المتحجرة التي توجد على رأس الشأن التدبيري و التسييري لهذه القناة التي أساءت كثيراً للمغاربة.. آن الأوان أن يعلم مسؤولو القناة الأولى انه من حق المواطن المغربي الذي يدفع من جيبه مصاريف ما تنتجه قناتيه التلفزيتين، و ما يتقاضاه موظفيهما من رواتب شهرية، ان يتمتع باعلام مهني و نزيه، لا ان تُسوق له "قفة اخبار" مسائية، مليئة بالتهريج و التبندق لكل ما يوالي النظام و الحكومة المغربيين.. آن الأوان أن تعلموا انه من حق المواطن المغربي عليكم يا سادة.. ان يتمتع بحقه في الاخبار و معرفة ما يدور من حوله بكل شفافية و مصداقية .. آن الاوان ان نقول كفى من هذه السياسة الإقصائية تجاه هذا الشعب المغلوب على أمره.. وإنني من هنا أعلن صارخاً أنني أول القائلين.. فهل من رافض يقول كفى لهذا العبث المسمى مجازاً: " القناة المغربية الأُولى "..؟ [email protected]