وجاء في الوثيقة: «نوافيكم اليوم بمذكرة لإثارة انتباهكم إلى التردي الكبير الذي بلغه أداء الإعلام العمومي المغربي وخاصة القناتين التلفزتين الأولى والقناة الثانية (دوزيم) التابعتان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية.» وإننا إذ نأمل أن تدركوا معنا أن همنا الأساس في توجيه مذكرة إليكم تحركه غيرة وطنية على إعلامنا العمومي وبدافع الرغبة في جعله مستقطبا لأنظار وأسماع المغاربة، إذ نأمل ذلك، - يقول رئيس الفريق الاشتراكي - نأمل بالموازاة معه ألا تختزلوا قضايا أساسية وجوهرية وإشكاليات وطنية في مجرد تأويل إجرائي: موضوع مذكرتنا يتجاوز الإشهار ليمتد إلى مجموع أداء القنوات التلفزية العمومية المغربية وخاصة القناة الأولى و»دوزيم». وقبل ذلك نرى ، يقول عضو المكتب السياسي - أنه ليس من اللازم التذكير بالمسؤولية الملقاة على عاتق الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في الحرص على إجبار المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة على احترام دفاتر التحملات من جهة وعلى تقديم منتوج ّإعلامي يتوفر على الحد الأدنى من الجودة ولا يزيغ عن منظومة القيم الوطنية والإنسانية ويرفع من مستوى الوعي بالانتماء إلى الوطن. فعلى غرار كل شهر رمضان من كل عام مثلا يتم تأكيد ضعف أداء الإعلام التلفزي العمومي حيث يبلغ أوجه خاصة في أوقات ذروة المشاهدة (موعد الفطور) من خلال بث منتوج يعجز النقد الأدبي والتلفزي عن تصنيفه . فلا هو بسينما ولا هو بمسرح ولا هو بتمثيل ولا بفكاهة، ولا هو بجد ولا هو بهزل. ولا يحتاج المرء إلى قدرات خاصة في الملاحظة والنقد ليستخلص أن هذا المنتوج هو بمثابة إفساد للذوق الفني واستبلاد للمشاهدين واستهتار بمشاعرهم ومصادرة لحق المواطن في الحد الأدنى من الجودة في ما تبثه قنوات التلفزيون العمومي المغربي. وتضيف المذكرة،لسنا، فقط، أمام تخلي هذا التلفزيون عن مسؤوليته ووظيفته البيداغوجية وفي صقل الأذواق والتربية الفنية، ولكننا بصدد أعمال تكرس الرداءة والتخلف وعبث الكلمات والقيم السلبية. ولسنا بحاجة ، حسب عضو المكتب السياسي -إلى أن نذكر بأن كل هذا يتنافى والدور المنوط بالمرفق العمومي كما يتنافى ودفتر تحملات القنوات التلفزية العمومية وتعاقدها القانوني مع الدولة وتعاقدها الأخلاقي مع الوطن والمواطنين. وتشير المذكرة إلى أن إحداث الهيأة جاء بهدف تنظيم وتقنين تحرير قطاع الإعلام السمعي البصري والحرص على ضمان الشفافية والمنافسة الشريفة والمتكافئة. وتلك ليست بالمهام التطوعية إذ أن الهيأة تتوفر على كافة الموارد المالية والبشرية والوسائل التقنية والسلطات القانونية والاعتبارية للقيام بها، مما يجعلكم تتحملون مسؤولية جسيمة إزاء ما يجري في القنوات العمومية. انحياز إلى الرداءة وتستطرد المذكرة «من هذا المنطلق نعيد مساءلتكم بشأن موقف الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري من مضمون العديد، بل أغلب الوصلات الإشهارية التي تبثها القنوات العمومية المغربية والمتمثلة في التغرير بالمشاهد ودغدغة عواطف الأطفال ويسيء للمرأة والتحريض على التشبع بقيم الاستهلاك بشراسة، ولو دون قدرة على ذلك، ونموذج ذلك مناسبة عيد الأضحى يعتبر مثالا ساطعا هذا عدا الاستهتار باللغة العربية وتعمد تشويهها نطقا ونحوا وإعرابا. وفيما تعمل تلفزيونات العالم على إغناء لغاتها الوطنية لهجات أو لغات منطوقة أو مكتوبة، نقف أمام تعمد الوضاعة والانحياز إلى الرداءة في استعمال اللغة الوطنية دارجة وفصحى». وجاء في المذكرة «القنوات التلفزية العمومية فقدت وظيفتها البيداغوجية في التأطير المدني وفي التثقيف بل تخلت عمليا عن جزء هام من التزامها وهو الإنتاج بإسناده إلى شركات خاصة غالبا ليس لها علاقة بالميدان أو مرتبطة بمصالح معينة. وهكذا بدل أن نشاهد برامج تشجع حس السؤال والنقد والمنطق والعقلانية لدى المشاهد، تأبى إلا أن تواصل تقديم برامج بلا معنى ولا مضمون و بدون أهداف وبدون موضوع حتى. وباسم البرامج الساخرة أصبح التلفزيون العمومي المغربي يقدم أي شيء. وعوض ترسيخ حس الذوق السليم والرفيع لدى الأطفال واليافعين والشباب نشاهد ونسمع «برامج» متواضعة لغة ومضمونا وأبعد ما تكون متماشية مع السياق الوطني والكوني مجالا وزمانا». تهميش عمدي للإنتاج الوطني وتضيف الوثيقة أنه «من أخطر مميزات التلفزيون المغربي العمومي (القناتان الأولى والثانية وقناة الأفلام) تهميش الإنتاج الوطني من سينما وأعمال تلفزيونية حيث لا تتعدى حصته الثمن (إذا استثنينا شبكة برامج رمضان على علاتها) مما يبث وحيث تهيمن مسلسلات أمريكا اللاتينية وتركيا ومصر والشام على البث. لن نسائلكم عن طبيعة هذا الذوق الذي كان وراء اختيار الأردء في أرشيف السينما الهندية ليتم به إغراق مشاهدي القنوات التلفزية العمومية». وتقف المذكرة عند جانب آخر في هذا الإطار - تستطرد الوثيقة ، ألا وهو دبلجة أفلام أجنبية إلى الدارجة المغربية. وبغض النظر عن الكلفة الباهضة لإعادة الدبلجة هاته، فإن ما يهمنا هو تلك الوضاعة التي تتضمنها ، أوليس في ذلك إشاعة للهجة رديئة تحاول أن تسود على حساب العربية الفصحى والدارجة السليمة. فهل انتبهت الهيأة إلى خطورة ذلك إذا كان ليس من اختصاصاها النظر في الكلفة الباهضة لدبلجة لن يشاهدها إلا أقلية المغاربة التي تشاهد التلفزيون العمومي. فلمن ستباع أو تصدر دبلجة بالدارجة المغربية. وتذكر الوثيقة في هذا السياق بأن البند الثقافي أو بند الاستثناء الثقافي كان وما يزال موضوع مفاوضات صعبة في مؤتمرات تحرير التجارة العالمية.