يثير الإلغاء المرتقب لجنحة التمرد من قانون العقوبات الإسباني غضب المعارضة اليمينية، التي تعتبر هذه الخطوة هدية من حكومة بيدرو سانشيز اليسارية إلى الانفصاليين الكاتالونيين للحصول على دعمهم في البرلمان والبقاء بذلك في السلطة. وبعد نقاش حاد، وافق مجلس النواب فجر الجمعة على مبدأ إلغاء هذه الجنحة التي صدرت على أساسها أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين تسعة أعوام و13 عاما على تسعة انفصاليين كاتالونيين في أكتوبر 2019، بسبب دورهم في محاولة الانفصال الفاشلة لمنطقتهم في الواقعة شمال شرقي إسبانيا في 2017؛ وأصدرت الحكومة الإسبانية عفوا عنهم في يونيو 2021. والنص الذي أقر بأغلبية واسعة (187 صوتا مقابل 155 وامتناع ستة عن التصويت) يمهد الطريق أمام تعديل عاجل لقانون العقوبات، يفترض أن تتم المصادقة عليه قبل نهاية العام الحالي. وحتى قبل المناقشة، دعا حزب "فوكس" (الصوت) اليميني المتطرف، ثالث قوة في البرلمان، إلى تنظيم تظاهرة في مدريد الأحد، بينما دعا حزب الشعب المحافظ إلى تنظيم اجتماعات في جميع أنحاء البلاد ضد هذا القانون. وخلال مناظرة الخميس، رأت المتحدثة باسم الحزب الشعبي، كوكا كامارا، أن إلغاء الجنحة التي ستحل محلها جنحة التسبب في "فوضى عامة مشددة"، عقوبتها أقل قسوة، هي "مكافأة من الحكومة إلى التيار الانفصالي في كاتالونيا"؛ وهي تلمح بذلك إلى ما فعله "حزب اليسار الجمهوري" الاستقلالي المعتدل وأكبر تشكيلات كاتالونيا قبل ساعات عندما وافق على تمرير ميزانية الحكومة لعام 2023. ويعتبر اليمين أن هذا الإصلاح قد يشجع على محاولات جديدة للانفصال في كاتالونيا، لأن هذه المحاولات ستجابه بعقوبات أقل صرامة. وقال غابريال روفان، المتحدث باسم حزب اليسار الجمهوري، خلال مناظرة، إن تعديل القانون "سينتزع أداة من أيدي القضاة الفاشيين". توافق مع الجيران الأوروبيين يقول الحزب الاشتراكي، بقيادة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وشريكه في الائتلاف الحكومي حزب بوديموس (نستطيع) اليساري الراديكالي، إن نيتهما ببساطة هي تقريب التشريع الإسباني من التشريعات الديمقراطية الأوروبية الأخرى؛ وهو يشير إلى أن جنحة التمرد مدرجة في قانون العقوبات الإسباني منذ 1822 في عهود كانت تشهد انتفاضات عسكرية. كما تؤكد الحكومة أن جنحة التمرد، في غياب معادل لها في تشريعات الدول الأوروبية، تجعل من الصعب جدا تسليم ثلاثة من قادة الانفصال، فروا إلى الخارج بعد محاولة الانفصال الفاشلة، وعلى رأسهم رئيس منطقة كاتالونيا السابق كارليس بوتشيمون. وستكون عقوبة جنحة "الإخلال بالنظام العام المشدد" السجن لمدة خمسة أعوام، مقابل 15 عاما بتهمة التمرد في القانون الحالي. وشكك بوتشيمون، الذي مازال يعيش في المنفى في بلجيكا، في هذا التغيير، مؤكدا أن مؤيدي الاستقلال الذين رحبوا به "لم يتعلموا شيئا خلال الأعوام الخمسة الماضية" منذ فشل محاولة الاستقلال؛ ومع ذلك فهو مدعو إلى الاستفادة من هذا التعديل، لأن قانون العقوبات الاسباني ينص على تطبيق أي تعديل قانوني بمفعول رجعي إذا كان ذلك من مصلحة المحكوم. وقالت إينيس آريماداس، زعيمة حزب المواطنة (سيودادانوس)، وهو حزب صغير من يمين الوسط، أمام البرلمان الإسباني: "إنهم يسمحون لبوتشيمون بالعودة إلى إسبانيا من الباب الكبير". وفي تغريدة على "تويتر" قبل مناقشات الخميس، طلب زعيم حزب الشعب ألبرتو نونييز فيخو، وهو ليس عضوا في البرلمان، من بيدرو سانشيز "توضيح (...) ما إذا كان سيحمي الديمقراطية الإسبانية أو لا يريد سوى البقاء" في السلطة. واتهم نونييز فيخو سانشيز بخدمة أحزاب الاستقلال الكاتالونية من أجل ضمان دعمها في البرلمان، حيث لا تتمتع حكومته بأغلبية مطلقة. وأضاف فيخو، الذي يعتبر حزبه المرشح الأوفر حظا في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام الحالي: "حزب الشعب واضح في موقفه، سنزيد العقوبات على التمرد والعصيان"، وزاد أن "الدعوة إلى استفتاء غير قانوني ستكون بمثابة جريمة".