يتواصل شد الحبل بين الحكومة والمحامين بخصوص اعتماد إجراءات ضريبية جديدة؛ إذ دخل أصحاب البذلة السوداء في احتجاجات أكثر حدة ميدانيا، تتمثل في خوض اعتصامات تنطلق اليوم الخميس في مختلف محاكم الاستئناف بالمملكة مصحوبة بإضراب عن الطعام. ومن المرتقب أن يستمر الاعتصام إلى غاية يوم غد الجمعة، بعد دعوات وجهها مكتب اتحاد المحامين الشباب بالمغرب، رافعا شعار "عاشت مهنة المحاماة حرة مستقلة قوية أبية"، مطالبا بحماية المهنة مما أسماه "هجوما كبيرا يطالها بسبب مضامين قانون المالية 2023". وفي هذا الصدد، وافقت الحكومة على تعديل تقدمت به فرق الأغلبية يهم الضريبة على المحامين، ينص على تخييرهم بين أداء مبلغ 300 درهم بطريقة تلقائية مرة واحدة عن كل قضية عند إيداع أو تسجيل مقال أو طلب أو طعن أو عند تسجيل نيابة أو مؤازرة أمام محاكم المملكة، وبين الأداء تلقائيا لدى قابض إدارة الضرائب دفعتين مقدمتين على الحساب بطريقة إلكترونية قبل انقضاء الشهر الموالي للشهر السادس وللشهر الثاني عشر من السنة المحاسبية المعنية، لكن هذا الأمر ما يزال يفتقد إلى موافقة المعنيين بالقطاع الذين يعتبرونه غير مجد. حميد بوهدا، محام بهيئة الدارالبيضاء، قال إن "نواب الأمة أقروا مشروعا يقنن جريمة الغدر؛ فبالرجوع إلى المقتضيات الجديدة التي تهم الضريبة على المحامين، يلاحظ أن النواب صوتوا لصالح مقتضى خطير جدا يتمثل في حصول خزينة الدولة على تسبيقات الأداء على حساب المحامي (تسبيق على ضريبة الدخل)". وأضاف أنه في حالة تجاوز المبلغ النسبة المستحقة بعد قفل حسابات السنة المحاسباتية، "يبقى مكسبا للخزينة"، موضحا أن "هذا يجعل استرجاعه غير ممكن للمحامي ولو ثبت أنه غير مستحق للدولة"، مشددا على أن "هذا الأمر يناقض القواعد القانونية المؤطرة للمحاسبة العمومية". وأشار المصرح لهسبريس إلى أن إقرار مقتضى يسمح بتمليك الخزينة مبالغ مالية غير مستحقة، "يشكل إقرارا لبند يقنن سرقة أتعاب المحامين من قبل مؤسسة دستورية أنيط بها إنتاج تشريع عادل يحترم حق الملكية المنصوص عليه في الفصل 35 من الدستور". وأوضح بوهدا أن "المشروع يفرض على المحامي أداء تكملة مستحقات الخزانة في حالة ثبوت أن التسبيقات المؤداة لم تصل إلى المبلغ المستحق للخزينة بعد قفل السنة المحاسباتية"، واصفا هذا الأمر بأنه "خطير جدا؛ ذلك أن الدولة ستقع في الإثراء على حساب الملزمين في حالة تجاوز التسبيقات المؤداة فعلا المبلغ الحقيقي المستحق لها". ورفض المحامي ذاته الاقتطاع من المنبع بالنسبة للمحامين بأداء 20 في المائة ضريبة على الدخل عن كل ملف ترافع، والاحتفاظ بأداء 4 في المائة من رقم المعاملات السنوي كل شهر يناير، وزيادة مبلغ إضافي يتثمل في 300 درهم وفقا للمضامين المالية الجديدة، مؤكدا أن "القرار مجحف جدا".