مطالب بسياسة صحية "من أجل أنسَنة المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية بالمغرب، وتقريب خدماتها من المصابين وأسرهم والاستثمار في الوقاية والعلاج وتخفيض أسعار الأدوية" رفعتها "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة"، بمناسبة تخليد "اليوم العالمي للصحة النفسية"، المصادف للعاشر من أكتوبر من كل عام. الشبكة أكدت، في بيان لها، أن هذا اليوم مناسبة "من أبرز الأيام العالمية التي تهتم بصحة الإنسان النفسية، ومساعدته على عيش حياة طبيعية"، موضحة أن الاحتفاء بهذا اليوم العالمي يهدف إلى "تثقيف الأفراد والأسر والمجتمعات، وكذا رفع وعيهم بأهمية الصحة العقلية والنفسية، ومساعدة المرضى النفسيين للتحدث عن مرضهم دون خجل أو خوف، لأنه ككل الأمراض الجسدية يظل قابلا للعلاج". تبعا لذلك، ناشدت الشبكة المغربية ذاتها، على لسان رئيسها علي لطفي، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية القيام ب"إجراءات وتدابير فعالة في إطار مخطط الإصلاح الشامل"، باعتبارها "المسؤولة عن ضمان الأمن الصحي الجسدي والنفسي للمواطنين"، على حد تعبيره. وشدد التنظيم المدني ذاته على ضرورة "سن سياسة صحية وحماية اجتماعية مندمجة وإستراتيجية فعالة في مجال الصحة النفسية الوقائية والعلاجية والتأهيلية والإدماج الاجتماعي بمختلف جهات المملكة"، لافتا انتباه الوزارة الوصية إلى "إصدار تشريعات وقوانين جديدة مؤطرة تتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة وتحمي حقوق المرضى النفسيين وحقوقهم الإنسانية". وتضمنت المطالب ذاتها، التي توصلت بها هسبريس، "الرفع من الميزانية المخصصة للمخطط الوطني للصحة النفسية والعقلية والميزانيات المخصصة للمستشفيات الخاصة بالصحة النفسية والعقلية، والاستثمار في بناء وتجهيز مستشفيات أو مصالح طبية مندمجة للصحة النفسية الوقائية والعلاجية بالجهات الترابية ال12 لتقريب الخدمات الصحية من المصابين وأسرهم". ودعا رئيس الشبكة إلى "تخفيض أسعار الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية والعقلية، وتوفيرها مجاناً في المستشفيات والمراكز الصحية والاجتماعية للمصابين"، موصيا ب"الاستثمار في العنصر البشري المؤهل عبر الرفع من عدد مقاعد التكوين الأساسي بكليات الطب ومعاهد تكوين الممرضات والممرضين بالقطاعين العام والخاص، وتوظفيهم لتغطية العجز وتحسين جودة الخدمات المقدمة لهذه الفئة من المرضى". وتابع المصدر ذاته مناديا بما وصفها ب "أنسنة المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، والاهتمام بالفئات الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية بالمغرب، ومعالجة الصحة العقلية على قدم المساواة مع الصحة البدنية، بتنسيق مع القطاعات الأخرى والسلطات المحلية والمجتمع المدني". وسجلت الشبكة، في بلاغها، ضرورة "إعداد برامج مندمجة بين وزارات الصحة والحماية الاجتماعية والشغل والوظيفة العمومية والتعليم لتهيئة بيئة عمل آمنة وصحية، والشغل اللائق للعمال والموظفين، بتنفيذ اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن السلامة والصحة المهنيتيْن من خلال تفعيل التوصيتيْن رقم 155 و164 بشأن حماية صحة العاملين وسلامتهم، وضرورة التصريح بالأمراض النفسية لعلاجها والتعامل معها بشكل صحيح"، محذرة من أن "إهمالها يمثل خطورة كبيرة على العاملين والمرتفقين"، مطالبة ب"إعادة تشكيل بيئة العمل اللائق بما يلغي ممارسات الوصم والتنمر والعنف النفسي والتمييز والجور والإقصاء الاجتماعي، والمضايقات في العمل بالإدارات والمعامل، وضمان شعور الموظفين الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية بالحماية والدعم". كما طالبت الشبكة باعتماد "تعويضات خاصة تحفيزية للمهنيين العاملين بمستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، وتحسين ظروف وبيئة عملهم، وتطوير مهاراتهم وكفاءاتهم ببرامج التكوين المستمر، لتطوير بروتوكولات العلاج وبرامج التأهيل والإدماج الاجتماعي"، مشيرة إلى "دعم ومساندة جمعيات المجتمع المدني المختصة وجمعيات رعاية الشباب والطفولة وحماية حقوق النساء، لتعزيز الوعي الجماهيري والأسري للوقاية من الأمراض النفسية والعقلية وأسبابها، فضلا عن دعم المبادرات التطوعية للمساهمة في الوقاية من السلوك الانتحاري، والكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية عند الفئات المعرضة له وتوجيهها إلى المصالح الطبية المختصة". في سياق متصل، شدد المصدر ذاته على "جعل الوقاية من الانتحار أولوية صحية باعتبارها تهم حياة الناس، كما هي مدرجة في أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030′′، موردا "أرقاما مخيفة" عن معدل الاضطرابات النفسية بالمغرب، الذي سجل ارتفعا ملحوظا بسبب رواسب ومخلفات جائحة كوفيد-19، وتداخل عوامل اجتماعية واقتصادية وأسرية وبيئية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة المزمنة والمشكلات العائلية (الطلاق والعنف الأسري)؛ فضلا عن الإساءات العاطفية أو الجسدية أو الجنسية الشديدة. يشار إلى أن الاتحاد العالمي للصحة العقلية يخلد، هذا العام، اليوم العالمي للصحة النفسية، تحت شعار مركزي هو "جعل الصحة العقلية والرفاهية للجميع أولوية عالمية"، هادفا إلى "جعل الصحة النفسية ورفاهية أفراد المجتمع أولوية ذات قيمة عالية يحميها الجميع، أفرادا وجماعات ومنظمات، وجعل وصولها إلى كافة فئات المجتمع بيسر وسهولة، لكي يشعر الفرد بالرضا والسعادة عن جودة الحياة". وطنياً، تشير نتائج المسح الوطني للسكان الذي أنجزته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية سابقا، عن الاضطرابات النفسية والعقلية الأكثر شيوعا وسط السكان بالمغرب الذين تفوق أعمارهم 15 سنة، إلى أن "26 بالمائة من المغاربة يعانون من الاكتئاب خلال حياتهم، فيما يعاني 9 بالمائة من اضطرابات القلق، و5,6 بالمائة من اضطرابات ذهنية، و1 بالمائة من مرض الفصام". أما عالميا فتؤكد إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن "وفاة واحدة تحدث كل ثانية بسبب الانتحار جراء مرض نفسي كالاكتئاب والتوحد والانعزال وغيرها من الأمراض نفسية"، ما دفع ب"OMS" إلى جعل مكافحة الانتحار أولوية عالمية، مدرجة في أهداف التنمية المستدامة، مطالبة الحكومات باستعمال كل الوسائل للوقاية والتدخل المبكر وحظر استعمال مبيدات الآفات شديدة الخطورة للحد من معدلات الانتحار. وقد تسببت جائحة كوفيد -19 في زيادة معدلات الشعور بالقلق والاكتئاب عموما بجميع أنحاء العالم بنسبة 26 في المائة، ما أدى إلى ارتفاع عدد الحالات المرضية وحالات الانتحار.