في سبت أولاد النمة بإقليم الفقيه بن صالح، يخيم أسى شديد وحزن عميق منذ يوم الجمعة الماضي على بيوت العشرات من الأسر بعدما اهتزت المدينة على وقع خبر مصرع شبان من المنطقة غرقا في مياه المحيط الأطلسي خلال رحلة العبور إلى أوروبا على متن زورق مطاطي، بحثا عن الأمل المفقود. مصادر هسبريس ذكرت أن عطلا أصاب محرك القارب المطاطي، الذي كان على متنه ما لا يقل عن 46 شابا من سوق السبت ونواحيها، ما أدى إلى اشتعال النيران فيه بعد فترة محدودة على إبحاره، نتج عنه مصرع العشرات من الشباب، من ضمهم قاصرون، في ظروف غامضة ما زالت التحقيقيات جارية بشأنها. ومنذ مساء يوم الجمعة الماضي، سارعت عائلات من جماعات سوق السبت وأولاد ناصر وأولاد برحمون لنصب الخيام لتلقي العزاء، بعدما استقبلت جثث ضحاياها بمستشفى القرب بسوق السبت وسط صمت رهيب، فيما لا تزال أسر أخرى ترقب مصير أبنائها المجهول، وتترقب الأخبار الواردة من بعض الناجين. وبحسب معلومات حصلت عليها هسبريس من أقارب ضحايا من أولاد النمة، فإن شبانا كانوا يحلمون بالهجرة إلى أوروبا، فاق عددهم 40 فردا، من ضمنهم أب لأسرة وابنه القاصر، خرجوا في رحلة على متن قارب مطاطي من مدينة الجديدة المغربية نحو أوروبا، إلا أن القارب تعرض لعطل مفاجئ، ما جعل الكثيرين منهم يلقون مصرعهم بطرق مختلفة. وأضافت المصادر نفسها أن عددا قليلا ممن كانوا على متن القارب نجوا بأعجوبة، ما ساهم في نقل الخبر بسرعة إلى باقي الأهالي بالإقليم، حيث لا تزال مجموعة من الأسر إلى حدود اليوم تحبس أنفاسها في ظل تضارب الأخبار حول مصير فلذات أكبادها. وارتباطا بالموضوع، استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسبت أولاد النمة هذه الفواجع المؤلمة التي راح ضحيتها العديد من خيرة شباب مدينة سوق السبت ونواحيها، مسجلة "استمرار الظاهرة في الارتفاع بسبب لا مبالاة المسؤولين وغضهم الطرف عن شبكات الاتجار بالبشر من سماسرة الهجرة السرية، معتبرة ذلك تواطؤا مكشوفا"، وفق تعبير بيان صادر عن الفرع الحقوقي. ويطالب المصدر ذاته المسؤولين محليا وإقليميا بالقيام بواجبهم إزاء الشباب الذي تبتلعه أمواج البحر، وذلك عبر "خلق فرص شغل حقيقية وبرامج تنموية معقولة والضرب بيد من حديد على كل من يساهم في تشجيع الظاهرة (وسطاء وسماسرة وعصابات التهجير السري) وتشديد الرقابة على أنشطة قوارب الموت، مع تبني سياسة وطنية في مجال الشغل لإنقاذ الشباب المغربي من براثن اليأس والبطالة". ودعت الهيئة الحقوقية ذاتها إلى فتح "تحقيق جدي في الموضوع لمساءلة ومتابعة كل المتورطين في استقطاب الضحايا، كما طالبت بمحاسبة صانعي البرامج التنموية الفاشلة بالإقليم من خلال التبذير الفادح للمال العام في مشاريع وصفتها بال"وهمية"، وكل من كان سببا في استمرار المآسي والفواجع".