منذ بداية السنة الجديدة، بدأ البركان العظيم الذي يقع أسفل المحمية الطبيعية "يلو ستون بارك" في نشاطه بشكل متسارع، ما دعا الجيولوجيين للدعوة إلى إخلاء المنطقة من سكانها، حيث يمتد على قطر يصل طوله إلى 325 كيلومترا حول المحمية الطبيعة المذكورة. وقد بلغ نشاطه معدل أربع هزات في الساعة الواحدة، ويدل هذا على أن ساعة ثورته قد اقتربت، ومنذ الفاتح من الشهر الحالي انخفضت الاهتزازات قليلا عما كانت عليه، لكن يبدو أن "البركان العظيم" بدأ يستيقظ ببطء. "" وتبلغ مساحة الفوهة التي يكونها هذا البركان نحو أربعين إلى ستين كيلومترا، وعلى عمق عشرات الكيلومترات تحت سطح الأرض يوجد الخزان الضخم الذي يملأ هذا البركان بالمواد المنصهرة والحمم التي يأتي جزء منها على شكل أبخرة وغازات تتصاعد إلى السطح من خلال الشقوق، وهي نفس السخانات التي تشتهر بها محمية "يلو ستون" الطبيعية. ويعرف الجيولوجيون عن هذا البركان انه لا يهدأ وأن نشاطه دائم، ومن بين هؤلاء يان نيونهاوس، الذي يعمل في الجامعة التقنية في مدينة دلفت الهولندية. ويشرح نيونهاوس ما يمكن أن يحدث في حالة ثوران وانفجار هذا النوع من البراكين ومن بينها هذا الذي يقع على سطحه محمية "يلاو ستون" الطبيعية: المرحلة الأولى تحدث هناك حفرة في الأرض قد تصل مساحتها إلى نحو ثلاثين كيلومتر، ويقذف البركان معظم تلك المواد في الهواء، وهذا يعني أن أجزاء صغيرة من المواد تعلق وتبقى سابحة في الغلاف الجوي في أي مكان، ونتيجة لذلك تقل كمية الأشعة الشمسية التي تصل إلى سطح الأرض، ومما يعنيه هذا أن الأرض تفقد شيئا من حرارتها، ويؤثر هذه بصفة عامة إلى انخفاض في درجة الحرارة عبر العالم. ومن نتائج ذلك أيضا، أن تنهار حواف تلك الحفرة بفعل زلازل قوية يمكنها أن تؤدي إلى دمار منطقة بحجم أمريكا كلها. ومن الوهلة الأولى لا يشعر المرء بخطورة انخفاض حرارة الأرض ببضع درجات، لكن في الواقع هنالك تبعات خطيرة قد تنتج عن هذا الانخفاض. لقد شهد العالم ثوران بركان "كراكاتو" في اندونيسيا عام 1883، وكان ذلك الحدث سببا في تلف المحاصيل الزراعية في مناطق كثيرة من العالم في السنوات العشر التي أعقبت ثورانه. وكان السبب هو انتشار حبيبات الرماد البركاني في الغلاف الجوي مما أدى إلى حجب أشعة الشمس والتقليل من وصولها سطح الأرض خطر بالغ وإذا كانت البراكين الأرضية غائرة جدا، فهذا لا يعني أنها لا تشكل خطرا، وعن هذا النوع من البراكين يقول الجيولوجي نيوهاوس " تحت سطح حديقة يلاوستون، توجد أنواع صعبة من المواد المنصهرة والتي لا يمكن أن تنصهر بمجرد تكسرها، كما أن الغازات التي تنشأ بسببها تبقى عالقة بها. ويؤدي هذا إلى ارتفاع الضغط إلى أكثر مما هو معتاد في البراكين العادية، في حين تصبح تلك المواد والصخور الأم أقل وزنا بسبب الغازات العالقة فيها وهي تندفع عادة إلى الأعلى، وفي لحظة معينة تؤدي عندما تصطدم بالطبقة الصخرية على السطح إلى انفجار هائل ومدمر. الساعة الموقوتة إنها الآن اللحظة التي يمكن أن يشهد فيها بركان "يلوستون" الأرضي ثورته. ويحدث هذا مرة كل 600 ألف إلى 700 ألف سنة. ويعود آخر انفجار لهذا البركان إلى نحو 650 ألف عام. ويمكن له أن ينفجر في أية لحظة، وقد حاول الجيولوجي الأمريكي كريستوفر ساندرز تبديد كل الشكوك حول ذلك بقوله "لدينا مؤشرات قوية وعلامات واضحة تؤكد قرب حدوث مثل هذا الانفجار العظيم، ولهذا يجب على الجميع أن يغادروا محمية "يلوستون" إلى ما لا يقل عن مسافة مائتي كيلومتر بعيدا من محيط بركان "كالديرا." وعلى أي من العلامات استند ساندرز في استنتاجه هذا؟ في الأسبوع الذي سبق يوم الثامن والعشرين من شهر ديسمبر 2008، ازداد عدد الاهتزازات إلى حد 103 هزة في اليوم، وبعد ذلك بأسبوع، بقيت الهزات مستمرة بنحو العشرة يوميا، كما كان حراس المحمية وزوارها يشعرون بها. اضطراب مستمر هذا النوع من الزلازل تم رصدها من قبل عام 1985، لكن حتى في عام 2004 كانت الهزات لا تعد ولا تحصى كما أن درجة الحرارة في باطن الأرض ارتفعت كثيرا إلى درجة أن النعال كانت تتعرض للذوبان، وأدى هذا إلى موت نحو ثلاثة آلاف ظبي. لكن المنطقة عرفت بعد ذلك نوعا من الهدوء والخمود. وفي سنة 2007، دق ناقوس الخطر عندما بدأت القشرة الأرضية العليا تتخذ شكلا بيضاويا وارتفعت بنحو سبعة سنتيمترات سنويا وهذا دليل كاف أن الضغط في باطن الأرض في ارتفاع مستمر. ويراقب الجيولوجيون من مختلف بقاع العالم هذا البركان العظيم عن كثب، لكنه يتوجب عليهم القول بأن حساب مثل هذه الظواهر في علم الجيولوجيا لا يقاس بالأيام ولكن بآلاف السنين. إذاعة هولندا العالمية