نعم، ستغيبين.. سيكون غيابك متلكئا، قاسيا، طويلا، موحشا... ستسرقين من الأيام طعمها وأسماءها. لن أنشغل بالجمعة، لن أنتظر السبت ولن أبالي بالأحد، ولن أفكر في غربة بقية الأيام الميتافيزيقية، -فالألم ببساطة- لا يعرف العطل، ولا يتقاعد. كل الأيام ستغدو يوما سرمديا، مدته عام كامل؛ يوم كئيب، جنائزي مثل شتاء لا يريد أن ينتهي، وكل ما سأدركه أن غيابك سوف ينكل بدموع هذا الطفل اليتيم: قلبي. قلبي سوف يصادق ذلك المكان في غيابك، كمن يحرس هشيم اللوعة، سيبقى وفيا لذكرى ذلك المعول الذي انهال -بكل وحشية، ذات هاجرة- على جدار فاصل بيننا، لا يراه سوانا، وأنت تنحنين في جلستك المتوارية، لكي يندلع بستان البهجة فوق أحراش الإسفلت. ستغيبين مثل طائر مهاجر، يتكاثر في الصيف، غير مبال بقلب ينوح على الضفة الأخرى للفجيعة.. فهل كان ينبغي أن تنحني، لكي تسددي رصاص عينيك نحو قلبي الأعزل؟! هل كان من الضروري أن تشي بوحشة منتصف العمر (عمرك/عمري؟!)، وتزجين بسىرب من الدموع في هذا الحداد الطويل، القادم.. لا ينتهي: غيابك؟! هل كان ينبغي أن نمرح، هنيهة، في بستان ملتقى النظرات، ذات قيظ، لكي تزهر -الآن، غدا وبعد غد- هذه الدموع على قارعة هذا الحزن الأعشى؟