شنّت إسرائيل ضربات جوية على غزة، اليوم السبت، ردت عليها حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بإطلاق وابل من الصواريخ، في أخطر تصعيد بالمنطقة منذ حرب العام الماضي. وأعلنت إسرائيل، التي تتوقع بقاء الوضع على ما هو عليه مدة أسبوع، أنها اضطُرت إلى إطلاق "عملية استباقية" ضد حركة الجهاد الإسلامي، مشددة على أن المجموعة "كانت تخطط لهجوم وشيك". وأعلنت السلطات الصحية في غزة، التي تديرها حركة "حماس" الإسلامية، أن 12 شهيدا سقط في القصف الإسرائيلي؛ بينهم فتاة تبلغ من العمر 5 سنوات، بينما أصيب العشرات بجروح، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن العملية أسفرت عن "مقتل 15 مسلّحاً فلسطينياً". وكثّفت إسرائيل، صباح اليوم السبت، عملياتها ضد حركة الجهاد الإسلامي التي تتحرّك بشكل مستقل في أحيان كثيرة، على الرغم من تحالفها مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس". وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال عشرين شخصا 19؛ منهم عناصر في الجهاد الإسلامي في الضفة الغربيةالمحتلة. وأكدت إسرائيل والجهاد الإسلامي، على حد سواء، مقتل القيادي البارز في الحركة تيسير الجعبري في ضربة استهدفت مبنى غرب مدينة غزة. واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن القصف الإسرائيلي شكل "إعلان حرب"، قبل أن تطلق وابلا من الصواريخ باتّجاه إسرائيل. وتواصل إطلاق الصواريخ من جهة والقصف الإسرائيلي من جهة أخرى صباح السبت، مثيرا مخاوف من احتمال تكرار حرب "ماي 2021" التي استمرت 11 يوما وأدت إلى تدمير غزة وإجبار العديد من الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ. وتوقفت الحياة اليومية في القطاع بشكل شبه كامل، إذ بدت الشوارع مهجورة بمعظمها وأغلقت أكثر المتاجر أبوابها. كما عطّلت الضربات الإسرائيلية بعض خطوط الطاقة، وفق مراسل فرانس برس. تصعيد ووساطة أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، في خطاب متلفز أمس الجمعة، أن "إسرائيل لا تسعى إلى نزاع أوسع في غزة؛ لكنها لا تخشى من حصول ذلك". ودوت أصوات صفارات الإنذار في أنحاء جنوب إسرائيل؛ لكن من دون صدور أي تقارير فورية عن سقوط ضحايا أو وقوع أضرار كبيرة، علما أن منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية اعترضت العديد من الصواريخ. وقال الجيش الإسرائيلي إن أغلب الصواريخ، البالغ عددها 160 التي أطلقت من غزة، إما سقطت ضمن الأراضي الفلسطينية أو اعترضتها منظومة "القبة الحديدية". وحض مسؤولون في المناطق الحدودية السكان على البقاء قرب الملاجئ التي فتحت أيضا في تل أبيب، المركز التجاري المهم لإسرائيل. وقال مسؤولون مصريون لفرانس برس إن القاهرة، التي تعد وسيطا تاريخيا بين إسرائيل والفصائل في غزة، تسعى إلى القيام بدور الوساطة هذه المرة أيضا، وقد تستقبل وفدا من حركة الجهاد الإسلامي اليوم السبت. لكن مصادر ضمن حركة الجهاد الإسلامي نفت أن يكون أي وقف لإطلاق النار مطروحا للنقاش. وقال أحد المصادر: "لا يوجد حديث إطلاقا عن وساطة مصرية؛ وبالنسبة إلى الحركة فإن التركيز ينصب على ساحة المعركة". من جهتها، أدانت الجامعة العربية بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ بينما دعت المملكة الأردنية الهاشمية إلى الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي المدان على الجيب الفلسطيني. وخاضت "حماس" 4 حروب مع إسرائيل منذ سيطرتها على غزة في 2007، بما في ذلك حرب ماي العام الماضي. وانطلقت المواجهة المسلحة بين إسرائيل والجهاد الإسلامي في 2019؛ بعدما قتلت الدولة العبرية بهاء أبو العطا، الذي حل الجعبري مكانه، وتبادل الطرفان إطلاق النار على مدى أيام عديدة من دون أن تشارك "حماس" في المعارك. ومن شأن الخطوات التي تتخذها "حماس"، في ظل موجة العنف الحالية، أن تحدد مدى شدة النزاع، بينما تواجه حركة المقاومة الإسلامية ضغوطا للمحافظة على الهدوء من أجل تحسين الظروف الاقتصادية في القطاع. طفلة في الخامسة تصاعدت ألسنة النيران وأعمدة الدخان من المواقع المستهدفة في قطاع غزة، وأعلنت وزارة الصحة، أمس الجمعة، أن من بين القتلى طفلة تبلغ من العمر 5 سنواتK وحمل والد الطفلة آلاء قدوم ابنتهK التي بدت علامة الإصابة على جبهتهاK خلال تشييع جثمانها. وتجمّع مئات الأشخاص في غزة للمشاركة في تشييع الجعبري وغيره، بينما قال ريتشارد هيشت، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، "بحسب تقديرنا، قُتل 15 شخصًا في العمليّة"، وفق تعبيره. واصطفت دبابات إسرائيلية على طول الحدود مع القطاع؛ بينما أكد الجيش، أول أمس الخميس، أنه يعزز قواته في هذه المنطقة. وجاءت الضربات بعد 4 أيام على إغلاق إسرائيل معبرين حدوديين مع غزة، وتقييد حركة المدنيين الإسرائيليين الذين يقطنون على مقربة من الحدود "لأسباب أمنية". وأعقبت الإجراءات اعتقال إسرائيل قياديين في حركة الجهاد الإسلامي؛ بينهما باسم السعدي المتّهم بتدبير سلسلة هجمات ضد الدولة العبرية. ونفّذت إسرائيل، منذ منتصف شهر مارس الماضي، مداهمات متكررة في الضفة الغربية ردا على هجمات دامية استهدفت مواطنين إسرائيليين.