ناقش مسؤولون وطنيون ودوليون سبل التمكين الاقتصادي للنساء في العالم القروي، وذلك خلال مؤتمر صحافي نظم اليوم الأربعاء حول "التمكين الاقتصادي للمرأة القروية"، بشراكة بين كل من بنك المغرب ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والكفاءات والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب والتحالف العالمي للشمول المالي والجامعة الأميركية "فليتشر سكول". وفي هذا الإطار، تحدث نور الدين بنخليل، الكاتب العام لوزارة الشغل والإدماج المهني والمقاولات الصغرى والكفاءات، عن الرؤية الطموحة لتطوير سياسة وطنية للتمكين الاقتصادي للنساء. وسرد بنخليل تفاصيل هذه السياسة، سواء تعلق الأمر بالجانب المرتبط بالتعليم والمواكبة أو التشريع، معتبرا أنه أمام كل هذه الجهود المبذولة، يبقى "المشكل الكبير المرتبط بالجانب الثقافي وكيفية إقناع الأب والأخ والزوج بمنح حرية أكبر للمرأة". وأكد الكاتب العام لوزارة الشغل والإدماج المهني والمقاولات الصغرى والكفاءات وجود سياسة وطنية للتمكين الاقتصادي للنساء في المغرب من خلال ريادة الأعمال والتوظيف، ناهيك عن وجود آلية حكامة وطنية مع إمكانية تشكيل لجان فنية لتنفيذ ومراقبة خارطة الطريق. من جانبه، تحدث عبد الرحيم بوعزة، المدير العام لبنك المغرب، عن وجود توجهات في المغرب وإصلاحات تم القيام بها خلال العقدين الماضيين لتقوية قدرات المرأة، سواء داخل الأسرة أو المجتمع، إلا أنه "مع ذلك، لا تزال الفجوات بين الجنسين كبيرة، ومسألة تمكين المرأة القروية تطرح قيودا محددة تتطلب سياسات مناسبة". وقال بوعزة خلال كلمته في الندوة: "لم يكن الاهتمام بالنوع أكثر إلحاحا مما هو عليه في المغرب أو غيره من الاقتصادات النامية والصاعدة"، مضيفا: "نحن نعلم أن جائحة كوفيد-19 قد أدت إلى تفاقم معاناة الفئات الضعيفة من السكان من خلال التأثير بشكل غير متناسب على النساء"، مؤكدا أن الأزمات، مثل الأزمات الغذائية والتغيرات المناخية، تؤثر أكثر على النساء. وتطرق بوعزة لوجود فجوة بين الجنسين مهمة تزيد من وجود الإكراهات فيما يرتبط بتمكين النساء القرويات، وهو ما يتطلب سياسات خاصة، قائلا: "على وجه الخصوص، تواجه المرأة الريفية التي تشكل جزءًا كبيرًا من القوة العاملة الزراعية قيودا هيكلية مستمرة تمنع وصولها العادل إلى التعليم والفرص الاقتصادية والخدمات المالية". وأكد أنه "يمكن أن تشكل عدم المساواة بين الجنسين عقبة خطيرة أمام الحكومات في جهودها لتحقيق النمو الشامل بسبب تأثيرها على النمو الاقتصادي والتفاوتات في الدخل"، مذكرا بأن بنك المغرب سبق له أن أطلق برنامج التمكين الاقتصادي للنساء القرويات سنة 2019. وأشاد المتحدث بالأدوار التي لعبتها الأبناك على مر التاريخ في الإدماج المالي للساكنة، معتبرا كذلك أن نظام التمويلات الصغرى هو قاطرة قرب لتمويل النساء، مشيرا إلى وجود 10 مراكز مرخص لها للعمل ضمن شبكة تضم حوالي 1800 فرع تخدم 34 بالمائة من المناطق القروية، ما يقرب من 50 في المائة من عملائها نساء. وأكد المدير العام لبنك المغرب أن رقمنة الخدمات المالية من شأنها أن تشكل رافعة مهمة لتسريع التمكين الاقتصادي للنساء، متحدثا عن مبادرات عديدة على مدار السنوات الأخيرة وشراكات مهمة عقدها بنك المغرب تساهم في التمكين الاقتصادي للنساء. وقال انطوان سالي دوشو، مدير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب، إن 75 بالمائة من النساء القرويات ليس لهن ولوج إلى التمكين الاقتصادي، مؤكدا أنهن يمكن أن يكن رافعة أساسية لتنمية البلدان. وأضاف سالي دوشو، في كلمة له بالندوة، أن "النساء يعانين من التمييز في الولوج إلى العمل وأيضا في الولوج إلى مناصب المسؤولية، بينما الوضع أسوأ في المجال القروي حيث لا يتمكن حتى من الولوج إلى القروض مثلا". وتحدث مدير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب عن أزمة "كوفيد-19" التي أظهرت ما تعانيه النساء، وسلطت الضوء على ضرورة مضاعفة الجهود لتبني استراتيجيات جديدة لمناهضة التمييز ضدهن. وأوضح المتحدث أن من بين أهداف البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب، دعم النساء العاملات والمقاولات، ساردا مثال برنامج "وومان بيزنيس" الذي مول النساء المقاولات ب20 مليون يورو. ودعا سالي دوشو إلى التركيز على "كيفية إقناع الرجل بأن الجميع سيكون رابحا إذا ما سمحنا للنساء في المجال القروي بالعمل، وتبني استراتيجيات من أجل تسريع وتمكين النساء من الولوج إلى الخدمات المالية". وقالت كاتيا ميحانيش، المسؤولة الجهوية عن الإدماج الاقتصادي بالمنطقة العربية ب"التحالف من أجل الشمول المالي"، إن التحدي ليس هو الولوج إلى التمويل فحسب، ولكن أيضا أن تصبح النساء مستقلات ماديا ويتخذن قرارات ويحرزن المكانة التي يستحققنها في المجتمع. وأوضحت أن 90 بالمائة من النساء القرويات في المغرب غير عاملات، و60 بالمائة منهن يعانين من الأمية، منتقدة غياب دعم ثقافي واجتماعي ووجود حدود اجتماعية ودينية تجعلهن يعانين أكثر وتضع أمامهن عواقب كثيرة.