يشكل الاقتصاد الأخضر والإدماج والرقمنة المرتكزات الثلاث لعمل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في المغرب، والتي تم تحديدها خلال اجتماعه السنوي الأخير. ولا تدعم هذه المفاهيم المعاصرة دينامية السياسات العالمية فحسب، بل تتماشى على الخصوص مع الجهود التي تبذلها المملكة للاستجابة لهذه التحديات الخاصة بالدول الصاعدة. وبالفعل، تنسجم أهداف الولاية الجديدة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في المغرب مع توجهات النموذج التنموي الجديد وبرنامج الحكومة الجديدة، والتي تتفق كلها على أهمية تثمين المكتسبات التي حققتها المملكة في مجال تنمية وتعزيز مسارها نحو نمو أكثر انسجاما واستدامة. وفي هذا الصدد، أكد المدير الجديد للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب، أنطوان سالي دو شو، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المرحلة الحالية تقدم رؤية طموحة واستراتيجية شاملة لمواجهة التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد في سعيه لتحقيق التنمية، خصوصا تلك المتعلقة بالإدماج والبيئة والرقمنة. وأبرز السيد سالي دو شو، المعين حديثا في المغرب، أنه سيركز خلال فترة ولايته على الإدماج، خصوصا إدماج النساء، اللائي يشكلن "خزانا للموارد". وفي ما يتعلق بهدف البنك المتمثل في تسريع دعمه للنساء والشباب والساكنة القروية، أعلن عن قرب إطلاق نسخة جديدة من برنامج التمويل "المرأة في قطاع الأعمال" "Women in Business" المخصص للنساء، بالإضافة إلى آلية مماثلة موجهة للشباب في الأشهر المقبلة. وستوفر هذه الآلية خطوط تمويل مدعومة لفائدة النساء المقاولات، من خلال تقديم المساعدة لهن لتطوير مقاولاتهن وتقديم التوجيه والإرشاد لهن، بالإضافة إلى الدعم التقني للبنوك لمساعدتها على تكييف عروضها مع واقع النساء المقاولات. وعبر سالي دو شو عن "اقتناعه" بأن الجهوية المتقدمة تشكل رافعة قوية للاندماج الجهوي، مبرزا استعداد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لمواكبة الجهات وعمالات الأقاليم في برامجها الاستثمارية، ومساعدتها في الحصول على الموارد الضرورية للاضطلاع بدورها على أكمل وجه في ما يتعلق بالتخطيط الجهوي. وبخصوص الرقمنة، أشار المدير الجديد للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب إلى أن الأزمة الصحية أظهرت فائدة الرقمنة وكشفت عن تأخر المقاولات الصغرى والمتوسطة في هذا المجال، سواء تعلق الأمر بعروضها التجارية الإلكترونية أو رقمنة عملياتها الداخلية وتدبير سلاسل التموين الخاصة بها أو في مجال الكفاءات. وقال بهذا الخصوص "نقدر احتياجات المقاولات المغربية الصغيرة جدا والمتوسطة في مجال الاستثمار الرقمي بنحو 10 مليارات أورو"، مؤكدا أنه يجري إعداد آليات للتمويل لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة، والمقاولات الكبرى، كإضافة إلى البرامج العمومية، وأيضا في إطار دعم البنية التحتية الرقمية. ومن جهة أخرى، وبعدما ذك ر السيد سالي دو شو بالهدف الطموح للمملكة الذي تم الإعلان عنه في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 26) الذي انعقد في غلاسكو، أبرز أن المغرب "يحتل بدون شك موقع الصدارة" في المنطقة في مجال البيئة، داعيا في الوقت نفسه إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق مكتسبات أكبر في ما يتعلق بالقدرة التنافسية. وفي هذا السياق، كشف المسؤول عن عمليات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في المغرب أن تمويلات البنك مكنت منذ سنة 2014 من تسجيل انخفاض ب 730 ألف طن من انبعاثات معادل ثاني أكسيد الكربون، مما يدل على رغبة البنك في "أن ظل شريكا متميزا لهذا الطموح"، عبر توسيع برنامجه "مورسيف" (MORSEFF) لتمويل مشاريع النجاعة الطاقية والطاقة المتجددة على المستوى الصغير وتدبير النفايات والمياه. كما أعرب سالي دو شو عن رغبة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مواكبة الصعود القوي للطاقات المتجددة، من خلال تقديم خبرته لتطوير إطار تنظيمي جذاب - لا سيما من خلال تعديل القانون رقم 09-13 وفتح الولوج إلى الجهد المتوسط - ومن خلال تمويل مشاريع كبرى للطاقة الريحية والشمسية، والهيدروجين الأخضر مستقبلا. وتابع أن "البنية التحتية للنقل والخدمات المحلية كلها معنية بخفض الكربون، ولدينا خبرة كبيرة أيضا في هذا المجال، خصوصا من خلال برنامج المدينة الخضراء، الذي نرغب في نقله إلى المغرب". وخلص سالي دو شو إلى أن " أيام 10 و 11 و 12 ماي المقبل ستشكل لحظة قوية بالنسبة لنشاط البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في المغرب، حيث ستنعقد الاجتماعات السنوية الأولى للبنك ما بعد كوفيد في مراكش، والتي ستعرف مشاركة وفود رسمية ومستثمرين من 72 بلدا ومؤسسة مساهمة. وستشكل فرصة مميزة للمغرب لإبراز مرونته وجاذبيته ونموذجه التنموي الجديد".