تأكيدا لإصرارها على "معاقبة" إسبانيا على تقاربها مع المغرب واعترافها بمغربية الصحراء باعتبارها مبادرة الحكم الذاتي "هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع"، يستعد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، لتعيين سعيد موسي، السفير الجزائري بإسبانيا إلى غاية 19 مارس الماضي، سفيرا لبلاده بفرنسا. وكانت الجزائر قد قامت، مباشرة بعد إعلان إسبانيا موقفها الجديد، باستدعاء سفيرها لدى مدريد للتشاور؛ احتجاجا على ما اعتبرته "الانقلاب المفاجئ" في موقف الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء. وكشفت وسائل إعلام إيبيرية، بناء على من وصفتها ب"مصادر ديبلوماسية"، أن موسي سيعيّن بقرار رئاسي سفيرا في باريس، ما سيترك منصب السفير شاغرا في السفارة الجزائريةبمدريد، وهو ما وصفته المصادر عينها ب"تبعات الأزمة الإسبانية الجزائرية". وكان سعيد موسي قد عُيّن في مدريد منذ 4 أشهر فقط قبل أن يتم استدعاؤه للتشاور، بعد حوالي 24 ساعة من كشف الديوان الملكي المغربي في بلاغ فحوى الرسالة التي توصّل بها من بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية. وأبرزت المصادر ذاتها أنه على الرغم من أن موسي كان غائبًا عن إسبانيا لمدة أربعة أشهر تقريبا، إلا أنه كان لا يزال سفيرا ويشتغل مع مرؤوسيه في مدريد عبر الاتصالات عن بُعد، "غير أن أنباء تعيينه في باريس التي شغل بها لسنوات قنصلا عاما يؤكد بدون شك تركه لمنصبه في مدريد"، وفق تعبيرها. في هذا السياق، قالت صحيفة "إلكونفيدونثيال" الإسبانية إن تبون يُظهر بهذا التعيين أنه "غير مستعد للمصالحة مع الجزائر-طالما بيدرو سانشيز يمسك بزمام رئاسة الحكومة وخوسيه مانويل ألباريس وزيرا للخارجية الإسبانية على الأقل". وأضافت أنه بفعل ذلك، بدت هناك رغبة إسبانية واضحة في تقليص اعتمادها على الغاز الجزائري من خلال خط أنابيب ميدغاز، على الرّغم من أن الرئيس الجزائري ضمَن في أبريل الماضي الحفاظ على إمدادات الغاز لإسبانيا. وأبرزت أن الدليل على ذلك هو أن استيراد الغاز الجزائري انخفض في النصف الأول من العام الحالي بنسبة 41.11 في المائة؛ إذ شكلت نسبة واردات الغاز من هذا البلد 24.7 في المائة فقط من الاستهلاك في إسبانيا، بينما بلغت 47.7 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، في حين باتت الولاياتالمتحدةالأمريكية المورّد الرئيسي لإسبانيا بالغاز خلال النصف الأول من هذا العام. وفي الثامن من يونيو، علقت الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة مع إسبانيا منذ عام 2002، وفي اليوم نفسه أعلنت عن تجميد الديون المباشرة في العمليات القادمة من إسبانيا والمتجهة إليها، قبل أن تخرج المفوضية الأوروبية للدفاع عن إسبانيا، كدولة عضو، متهمة الجزائر بانتهاك معاهدة الشراكة التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي.