قالت صحيفة "بيزنيز إنسايدر" الدولية المتخصصة في أخبار الاقتصاد، أن تدفقات الغاز الجزائري على إسبانيا تواصل تراجعها، حيث تراجعت نسبة التدفق اليومي إلى 20,2 في المائة، وفق بيانات يوم أمس الأربعاء، مقارنة بما كان عليه الوضع في الشهور الماضية. وأشارت الصحيفة المذكورة، أن تراجعات تدفقات الغاز الجزائري على إسبانيا بدأت بالتزامن مع تغيير مدريد موقفها من قضية الصحراء وإعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي لإنهاء النزاع، حيث كانت التدفقات تسير بوتيرة عادية وفق ما هو متفق عليه، لكن هذه التدفقات بدأت في التراجع تدريجيا إلى أن وصلت إلى نسبة التراجع اليومي تفوق 20 بالمائة مع بداية الشهر الجاري. وقالت "بيزنيز إنسايدر"، أن الجزائر العدوة الصريحة للمغرب، لم تقبل تغيير مدريد موقفها لصالح الرباط في قضية الصحراء، وقد لوحظ بدء تدفقات الجزائرمن الغاز نحو إسبانيا عبر الأنبوب المباشر "ميدغاز" في التراجع منذ بعث رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، رسالة إلى الملك المغربي محمد السادس وإعلانه فيها عن دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي للصحراء الذي يقدمه المغرب كحل واقعي لإنهاء النزاع. ولم تشر الصحيفة ما إذا كانت الجزائر هي من قامت بتقليص حجم تدفقاتها اليومي، أم أن إسبانيا قررت تقليص اعتمادها على الغاز الجزائري، علما أن هذا التراجع يأتي بالتزامن مع زيادة إسبانيا اعتمادها على الغاز الأمريكي. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن شركة الغاز الإسبانية "Enagas" كانت قد كشفت مؤخرا أن بيانات لشهر مارس، سجلت ارتفاعا "تاريخيا" في واردات الغاز الأمريكي المتدفق على إسبانيا متفوقا لأول مرة على واردات الغاز الجزائري، ما يشير إلى تحول مدريد نحو واشنطن للتزود بحاجياتها من الغاز والشروع في تقليص الاعتماد على الجزائر. وحسب صحيفة "أوكيدياريو" الإسبانية، فإن وارادت إسبانيا من الغاز القادم من الولاياتالمتحدةالأمريكية، شكل نسبة 43 بالمائة خلال شهر مارس الماضي، في حين انخفضت نسبة الغاز الجزائري المتدفق على إسبانيا إلى 30 بالمائة فقط، مشيرة إلى أن هذا تحول يحدث لأول مرة في تاريخ قطاع الغاز في إسبانيا. وأضاف ذات المصدر الإعلامي، أن توجه إسبانيا للاعتماد على الولاياتالمتحدة في الفترة الأخيرة، يرجع إلى تكلفة سعره المنخفضة مقارنة بالجزائري، بالرغم من أن المسافة بين الولاياتالمتحدة وإسبانيا تُعتبر أطول بالنظر إلى طول المحيط الأطلسي، لكن ما يجعل الغاز الأمريكي أرخص هو كونه غاز صخري وتكلفة إنتاجه تكون رخيصة. كما أن هذا التحول يأتي تزامنا مع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن زيادة الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 66 بالمائة، من أجل مساعدة هذه البلدان على تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، ما يعني أن إسبانيا ترغب في ضرب عصفورين بحجر واحد، تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، والغاز الجزائري معا. وأشارت الصحيفة الإسبانية، أن من بين الأسباب الأخرى التي تدفع مدريد إلى الرفع من واردات الغاز الجزائري، هو الصعوبات والعراقيل التي تواجه نقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا، وهي الصعوبات التي طفت على السطح بعد إيقاف استخدام أنبوب الغاز "المغاربي الأوروبي" الذي يعبر المغرب بسبب الخلافات السياسية العميقة بين الرباطوالجزائر. وفي هذا السياق، ذكرت "أوكيدياريو" سببا سياسيا آخر، يتعلق بموقف إسبانيا الجديد من قضية الصحراء المغربية الذي لم يُعجب أصحاب القرار في الجزائر، حيث أعلنت مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، وهو ما دفع الجزائر إلى التلويح برفع أسعار الغاز الذي تُصدره إلى إسبانيا، خاصة أن العقود الموقعة بين الطرفين ليست طويلة الأمد مقارنة بالعقود المبرمة بين الشركات الإسبانية ونظيرتها الأمريكية. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر أعربت عن احتجاجها من مدريد عقب تغيير الأخيرة موقفها من قضية الصحراء، واستدعت سفيرها من إسبانيا للتشاور، ولازال السفير الجزائري لم يعد إلى منصبه منذ أواخر مارس الماضي إلى حدود الساعة.