بعد التَّدني الكبير في مستوى البطولة الوطنية خلال السنوات الأخيرة، وعجزها عن تفريخ نجوم قادرين على الاحتراف في الدوريات الأوروبية الكبرى، وضعف تمثيلية اللاعبين المحليين في المنتخب الوطني الأول، زيادة على ضعف الأندية الوطنية وافتقادها للقدرة على مجابهة أندية القارة السمراء، والفوز بأحد الألقاب إلا فيما ندر، بات من الضروري العمل على مستوى الفئات الصغرى للأندية ووضع برنامج يرمي للتكوين العلمي والصحيح للأطفال داخلها، من أجل تفريخ جيل من اللاعبين المؤهلين لحمل صفة "لاعب محترف" وخال من "الإعاقات" التقنية، البدنية والتكتيكية. جامعة الكرة بشراكة مع الأندية الوطنية عمدا إلى تجاهل ما أصبح حاجة مُلحَّة محلياً للخروج من قسم الإنعاش الذي أُدخلت إليه كرتنا بسبب داء اللامبالاة، وبات عادياً عند الدول المتقدمة كروياً. لا مبالاة جعلت المسؤولين يغطون في سبات عميق في انتظار ما قد تجود به الأزقة والملاعب الهامشية التي كانت تنتج نجوماً في الماضي، متناسين أنها اليوم قد اندثرت، وغاب معها كنز "التكوين الذاتي". مشكل المغرب مع كرة القدم لن يُحَلَّ ما دام حالها يدور في حلقة مفرغة، أبطالها مؤطرون ومكونون هم بدورهم في حاجة إلى تكوين وتأطير، ودراسة معمقة لمناهج التكوين الصحيحة التي تتبعها كبريات الأندية، لأن البنية التحتية لوحدها وإن وجدت غير كافية لإنتاج لاعبين في المستوى المطلوب. محمد لخويل مدرب المنتخب الوطني المغربي لأقل من 17 سنة وربان أمل الوداد الرياضي قال في تصريح ل "هسبريس الرياضية" إن اللاعبين الذين ينشطون حالياً في الدوري المغربي للمحترفين غالبيتهم لم يخضع لتكوين احترافي خلال الفئات السنية، "وهذا ما أضعف البطولة الوطنية بشكل كبير". الإطار الوطني الذي صاحب حسن بنعبيشة مع منتخب أقل من 20 سنة في إنجازاته بألعاب البحر الأبيض المتوسط والألعاب الفرنكوفونية والإسلامية، لم ينكر تميز اللاعب المغربي تقنياً وبدنياً، بينما يفتقد للنضج التكتيكي والاستقرار النفسي وثبات المستوى، وهي خصائص ضرورية في كرة القدم العصرية يفتقدها اللاعب المغربي، يضيف محمد لخويل. الودادي السابق قدر نسبة كمال التكوين، التي تمكن اللاعبين من اكتساب صفة "محترف" عند الشباب الصاعد بالأندية الوطنية، في 60 بالمئة، مرجعاً ذلك للنقص الكبير في المؤطرين الحاصلين على شهادات تؤهلهم للمساهمة في التنشئة السليمة للاعبي المستقبل. واعتبر المتحدث نفسه أن الضعف المادي الكبير للأندية الوطنية يحول دون إيلائها أهمية كبيرة للفئات السنية والاستثمار في مدارس التكوين الخاصة بها، "مكتفية بتخصيص الجانب الأكبر من الميزانية السنوية للفريق الأول، واستقطاب لاعبين لتعويض النقص الحاصل على مستوى التكوين حتى نتجنب قول لاعبين جاهزين". وأكد لخويل على ضرورة الإسراع في وضع استراتيجية واضحة المعالم من قبل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من أجل تفعيل مدارس التكوين بالأندية الوطنية ودعمها مادياً، بالشكل الذي يمكنها من الاستثمار في الفئات الشابة، مع تنظيم دورات تكوينية للأطر المكلفة بالإشراف على فئات الفتيان والشبان. جدير بالذكر أن جامعة الكرة كانت قد لجأت بتنسيق مع بيم فيربيك، المشرف العام على المنتخبات الوطنية، وعبد الله الإدريسي مدرب منتخب أقل من 17 سنة سابقاً وأقل من 19 حالياً، إلى اللاعبين المغاربة المحترفين بالخارج من أجل بلوغ نصف نهائي "كان 2013" للاعبين أقل من 17 سنة الذي أجري بالمغرب، وربع نهائي كأس العالم الذي احتضنته الإمارات العام الماضي للفئة ذاتها.