لا يمكن لأي مغربي أن ينكر أن المنتخب بات يتوفر على عناصر لهم روح وطنية عالية، ولا يمكن أيضا أن ننكر عطاء وأداء جميع اللاعبين، بيد أن اسم "امبارك بوصوفة" أصبح مرادفا للقتالية في الملعب، نظرا لما يقدمه من أداء جيد ومستقر في مباريات "الأسود" الماضية، بحكم عامل الخبرة والتجربة التي يتحلى بها. هولندي النشأة، وذو أصول صحراوية صرفة، وبالضبط من "كلميم"، تجري في عروقه الروح المغربية الأصيلة التي يتحلى بها المغاربة. فضل أن يمثل الفريق الوطني المغربي بدون تفكير منذ سنة 2006، رغم أن عروضا قدمت له لحمل قميص منتخب بلجيكا، لكنه مال لنداء القلب على حساب العقل، ليصبح اليوم مهندسا في وسط ميدان "الأسود"، واسما لا محيد عنه في تشكيل المنتخب المغربي. انطلقت موهبته من مدرسة "أياكس أمستردام"، وبدأ من هناك حلما رغب في تحقيقه منذ سن صغيرة. وما يجهله البعض أن بوصوفة لعب ل"تشيلسي" الإنجليزي بقيادة الإيطالي "كلاوديو رانييري" سنة 2001 إلى غاية 2004، ولم ينجح في هذه التجربة ليعرج الوجهة صوب بلجيكا، البلد الذي قدر قيمته وموهبته بشكل جيد، حيث جاور فريق "لا غونتواز" لسنتين، قبل أن يوقع عقدا مع عميد الأندية البلجيكية "أندرلخت"، وكان "ملكا" داخل الدوري المحلي وشارك معه في 195 مباراة، ليحصد الأخضر واليابس، ويعد كأحسن لاعب في البطولة البلجيكية لثلات مرات، في المواسم 2006 ،2009 و2010. سنة 2011، تلقى عرضا من "أنجي ماخاشكالا" الروسي، وبلغت قيمته 8 ملايين يورو، حيث لعب بجانب المخضرم البرازيلي روبيرتو كارلوس، والكاميروني صامويل إيطو، ولم تتوقف مسيرته عند هذا الحد، ليكون "نجما" بفريق "لوكوموتيف موسكو" الروسي ليحقق معه لقب كأس روسيا سنة 2014، بعد سبع سنوات من الغياب عن البوديوم. مسار بوصوفة تواصل أيضا بتجربة مع فريقه الأول ببلجيكا، وعاد أدراجه لفريق "لاغونتواز" سنة 2016، ليقضي معه سنة وحيدة فقط، ثم يطير إلى "جنة الخليج"، وتحديدا فريق "الجزيرة" الإماراتي في صفقة انتقال حر، ويحصد معه أيضا لقبين محليين، البطولة المحلية وكأس الإمارات، كما سيكون حاضرا في مونديال الأندية القادمة بأبو ظبي. حكايته مع المنتخب المغربي انطلقت سنة 2006، تساءل الجميع عن هوية هذا "القصير" الذي شارك في أول لقاء ودي بقيادة الناخب الوطني، امحمد فاخر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبرهن أن تواجده ضروري وإجباري في المستقبل، نظرا لتقنياته الجيدة وتحركه "الماكر" وسط الميدان، قبل أن يواصل بنفس النسق لسنوات. وظل بوصوفة موجودا منذ ذلك الحين مع الفريق الوطني إلى سنة 2017، وفيها ظهرت صورة له في مباراة الكوت ديفوار في كأس أمم إفريقيا بالغابون، وهو يبكي فرحا بهدف رشيد عليوي في مرمى "الفيلة"، وفيها أكد أنه وطني لدرجة الانهيار والتأثر. في سن الثالثة والثلاثين، وضع قدماه بالمونديال للمرة الأولى في تاريخه، حدث مميز بالنسبة للمغاربة ككل، لكنه واحدا ممن صنعوا هذا الإنجاز بفعل تمريرته الحاسمة، والتي أهدت الهدف الثاني من توقيع العميد مهدي بنعطية، ومن خلالها، أعلن عن تاريخ الحادي عشر من نونبر، عيدا لمغاربة العالم، بعدما أخرج آلاف الأشخاص من منازلهم وأسعد أصغر طفل مغربي إلى أكبر عجوز يهتف باسم الوطن، ليوصف ببوصفة "المبارك".