أحد أبرز الحراس الذي بَصموا اسمهم بقوة في السّجل الذهبي للمنتخب الوطني المغربي. حَرس عرينه ببسالة، ودافع عن مرماه بكل عزيمة وتفان. بدء مشواره ببركان أرض المواهب قبل أن ينتقل إلى الجيش الملكي، وهناك تدرب وصَقل موهبته، ليصير "عسكرياً" في أدائه وإخلاصه لراية الوطن. تجربته الأولى والأخيرة في عالم الاحتراف كانت في أرض الفراعنة. عبد القادر البرازي، مواليد الخامس من نونبر 1964 ببركان، نشأ وترعرع داخل فريقه الأم، قبل أن يُعرج إلى الجيش الملكي، وهناك لم ينتظر طويلا ليصبح الحارس رقم واحد كخليفة للحارس الكبير احميد، ووسط ترسانة من النجوم فاض عطاءً وتألق ليقود الفريق العسكري لعيش أحسن فتراته عبر التاريخ، إذ توج معه بثلاث كؤوس للعرش وثلاث بطولات للدوري. لقبه أصدقائه والمقرّبين منه ب"السّبع" لقتاليته وتفانيه في الدفاع عن راية الوطن في كل المباريات التي شارك فيها وكذلك مع الجيش الملكي، حيث غالباً ما أبدع واستأسد في الذود عن مرماه أمام الخصوم. وليس فقط مُميزاته داخل المستطيل الأخضر ومهارته في إحباط معنويات مهاجمي المنافس ما أكسبه الاحترام والتقدير، بل شخصيته القوية والطموحة وحضوره الدائم إلى جانب أصدقائه في أحلك الأوقات، حيث وصفه كل المقربون منه بالرجل المِعطاء والصّادق و"نِيشان". عبد القادر بلباسه المميز وحركاته المثيرة حمل قميص الأسود في 36 مناسبة وشارك في عدة كؤوس إفريقية وقبلها مَرّ بمنتخب الشباب والأولمبي والعسكري. ولن ينسى الجمهور المغربي "تقليعة الله. الوطن. الملك" التي وسم بها شعره في بعض مباريات المنتخب الوطني كدليل صريح على تعلقه بتراب هذا الوطن وارتباطه الوجداني برموزه. "السّبع" كان اختصاصيا في صدّ ركلات الجزاء وبتشويشه الدائم على مُسدِّديها. اشتهر أيضا بارتماءاته الرائعة وارتقاءاته العالية وتمركزه الجيد داخل صندوقه الصغير أو مربع العمليات. ساهم بنسبة كبيرة في تأهل المنتخب الوطني المغربي لنهائيات كأس العالم 1998، حيث شارك أساسياً في المباريات الإقصائية قبل أن يكتفي بالجلوس إحتياطياً في النهائيات، بعد خلاف مع المدرب الوطني حينها، الفرنسي هنري ميشيل. بعد الكأس المونديالية أبى البرازي إلا أن يخوض مُغامرة احترافية مع فريق الإسماعيلي المصري كأول لاعب مغربي يحترف بأرض الفراعنة، حيث قضى هناك موسمين قبل أن يقرر "تعليق القُفّازات" نهائياً واعتزال اللعبة عن سن السادسة والثلاثين. البرازي عائلة كروية بامتياز أعطت الكثير لهذه الرياضة، فبالإضافة لعبد القادر الذي نال قسطاً وافراً من الشهرة رفقة المنتخب الأول، كان هناك ثلاثي آخر من إخوته اختاروا حراسة المرمى أيضاً وهم الهاشمي، رشيد ثم منير، فيما لعب فوزي كمدافع ومتوسط ميدان. هذه العائلة فقدت اليوم ومعها المغاربة فردا من أسرتها. فقدت إسما قَلَّما، ولرُبّما لن يتكرر. كان من بين آخر الحراس الكبار الذين انتموا إلى أروع أجيال كرة القدم المغربية. عن سن 49 عبد القادر البرازي تركنا راحلا إلى دار البقاء بعد صراع طويل مع المرض ليوارى الثرى بمسقط رأسه، بحضور عدد كبير من الرياضيين المغاربة واللاعبين الدوليين السابقين والأصدقاء وشخصيات أخرى. فإنا لله وإنا إليه راجعون.