مات عبد القادر..لم يمت عبد القادر.. تسلل الموت خلسة ليُغَيب عبد القادر البرازي، الحارس الأسبق لفريق الجيش الملكي والمنتخب المغربي لكرة القدم، يوم الجمعة، بعد أن صارع المرض صابرا محتسبا، كما كان يعارك الكرة قيْد حياته، ويمنعها من دخول شباكه، لكن الغياب هذه المرة كان أبديا ومحزنا. إنه حزن دفين ذاك الذي غمر أفئدة أفراد أسرة البرازي، خاصة والدته وزوجته وبناته الأربعة، وشقيقاته اللائي قدمن من فرنسا لمواساته في فترة مرضه، ينضم إلى حزن وأسى ملايين المغاربة الذين أحبوا البرازي كحارس واحترموه كإنسان عُرف برفعة أخلاقه. البرازي عندما شعر بدنو أجله، أوصى بأن لا تُذرف الدموع عليه عند وفاته "خوفا من عذاب الله له في قبره"، كما استحلف زوجته بأن يُدفن في مسقط رأسه بمدينة بركان بالقرب من قبري أبيه وأخيه..هكذا سطر عبد القادر وفاءه لأواصره العائلية وأصوله، تماما كما كان وفيا لوطنه وهو يدافع عن راية بلده في المحافل الكروية الدولية. إنها فقط إحدى صفات البرازي، محبوب الملايين من الجمهور المغربي، فقد كان شخصا متخلقا، وطيبا، وخدوما وهب نفسه لعائلته ولإسعاد المغاربة، حيث لم يكن أبدا أنانيا، إذ لم يكن يلعب قط لنفسه، بل كان هدفه إدخال السرور على قلوب المغاربة، كما كان يسعى إلى رفع راية واسم المغرب عاليا" تقول شقيقته زكية لهسبريس الرياضية. وتضيف زكية، وقد انهمرت دموع ساخنة من مقلتيها حزنا على فراق أخيها عبد القادر، "نحن نتألم من حرقة الفراق، وندرك تماما أن الموت أرحم لأخي من المعاناة التي كان يعيشها داخل المستشفى"، قبل أن تلجأ فجأة إلى الصمت ملاذا من هول الفاجعة..فاجعة فراق أخ كان بمثابة الأب الحنون على أخواته. عزاء البرازي، عشية يوم الجمعة، حضره رياضيون، وفنانون، وعدد كبير من جمهوره ومحبيه بمنزله بحي أكدال بالرباط، لتقديم العزاء لعائلته في وقت اجتمع فيه حشد من الجماهير اجتمعوا أمام باب المصحة لإلقاء نظرة الوداع الأخير على عبد القادر، حتى ولو من بعيد، قبل أن ينقل إلى مسقط رأسه حيث سيدفن صباح السبت بمدينة بركان. انتهت حكاية عبد القادر البرازي الذي حمل حب الوطن في قلبه، قبل أن يرسم هذا الحب في تقليعة على شعر رأسه من خلال شعار "الله الوطن الملك"..مات عبد القادر..لم يمت عبد القادر..فهو في قلوبنا جميعا..جميعا.