الإحترافية عنوانه، والجرأة سمته، والتواضع من أخلاقه، خطف قلوب المغاربة بجديته وتفانيه في العمل.. وخلقت خرجاته الإعلامية جدلا في الأوساط الرياضية.. إنه وليد الركراكي الجوهرة الثمينة التي أضاءت سماء الدوري الإحترافي. وليد الركراكي.. من مواليد مدينة كوربي إيسون الفرنسية، أطفأ شمعته الأربعينية في شتنبر الماضي، شمالي الأصل (الفنيدق)، أب لطفلين من أم جزائرية. ارتبط اسم الركراكي بكرة القدم في سن متأخرة، إذ استهل مشواره الكروي في بداية عقده الثاني (22 سنة)، مختلفا عن بقية نجوم العالم، حيث ولج عالم المستديرة دون الخضوع لتكوين أساسي.. رودي غارسيا مدرب روما الإيطالي، كان له الفضل في كشف موهبة وليد الكروية، الذي حمل ألوان فريقه كوربي إيسون في أول محطة له، ودامت صداقتهما الثمينة إلى حدود الآن. فريق راسينغ دوباري كان ثاني محطات اللاعب قبل أن ينتقل إلى تولوز الفرنسي ليسطع نجمه ويضع له مكانا بين النجوم. لعب بين الدوريين الفرنسي والإسباني ورغم ما عناه خلال مشواره، إلا أنه لقب بالمدافع الأنيق وكان جديرا بالتنافسية. عاشق مهووس ب"البلوغرانا" وزاد عشقه لها حين لعب ضدها لموسين رفقة نادي سانطاندير الإسباني، البرازيلي رونالدينهو كان لاعبه المفضل آنذاك واليوم فهو معجب بأداء المدلل ليونل ميسي. وليد الركراكي صار أسدا من أسود الأطلس موسم 2001، حين تلقى دعوة لحمل قميص المنتخب الوطني، وبصم على أحقيته بحمل القميص سنة 2004، إذ اختير في أول مشاركة له في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم بتونس، كأحسن ظهير أيمن في البطولة، وحل رفقة المنتخب وصيفا لنسور قرطاج، ليكسب عطف ودفء المغاربة. المدافع الأنيق أنهى مشواره بالدوري الفرنسي رفقة فلوري ميروجي، ليلتحق ب"أسود الأطلس" موسم 2012، ليس كلاعبا هذه المرة، بل كمساعد للناخب الوطني رشيد الطاوسي، الذي ساعده في مهامه التدريبية لسنة كاملة، قبل أن يظهر بشاشة "بي إن سبورت" كمحلل رياضي لها. الركراكي اللاعب لا يختلف كثيرا عن المدرب، فكلاهما يتميزان بالروح القتالية والصرامة والجرأة. انتقل قبل سنتين إلى الفتح الرباطي، وانتقل به إلى عالم الإحتراف. احتراف قاده إلى التتويج بكأس العرش في أول تجربة تدريبية له، ونافس على بطولة إفريقية ووطنية بلاعبين شباب، منحهم الثقة وجعل منهم أبطالا في بداية المشوار. المدرب الشاب الذي يتقاضى 100 ألف درهم شهريا توج بلقب أفضل مدرب لعام 2015، متوفقا على أطر وطنية وأخرى أجنبية إشتغلت لسنوات عديدة بالدوري المغربي. وليد المدرب والصديق والمحارب، يعتبر من بين المدربين القلائل الذي يكسب ثقة لاعبيه، ويجعل منهم أصدقاء له داخل وخارج الملعب، لا يفرق بين اللاعب الإحتياطي والرسمي، إذ أنه يعامل الجميع بنفس الأسلوب، ويمنح فرصة الظهور للاعبين الشبان. محارب داخل مستودع الملابس، يخاطب مجموعته بروح قتالية ويعدها بالإنتصار، لا يؤمن بشيء إسمه فات الأوان، بل يحارب إلى أن يصل إلى مبتغاه. خرجاته الإعلامية جعلته موقف انتقاد العديد من الأشخاص، فمنهم من يعتبرها مستفزة وآخرون يعتبرونها جريئة، يضغط على خصومه بتصريحاته هذه، التي تعد موضع جدل كبير من طرف جماهير الأندية، إلا أنه بالرغم من كل هذا، يشهد له المدربون والأطر التي تشتغل رفقته بالتواضع والأخلاق الحميدة. المدرب الشاب، أنهى اليوم الجولة الأولى من منافسات الدوري الإحترافي، بالمركز الأول رفقة الوداد، في عدد النقاط، متفوقا عليه بعدد الإنتصارات.. طموح وإصرار الركراكي جعله يتربع على عرش البطولة، ساعيا بذلك للفوز رفقة مجموعته الشابة بالذرع لأول مرة، وضمان مشاركة إفريقية ثانية له، فربما يسطع نجمه مجددا بسماء إفريقيا.