أقل ما يمكن أن يقال عن كرة القدم أنها "غدارة" فمن افنوا شبابهم في الركض وراء دورانها وصناعة أمجادها، تدير لهم ظهرها قبل أن يغزو الشيب منكبهم، وتبطأ حركاتهم. كرة القدم وإن كانت تعطي لأبنائها بسخاء من مال ومجد وشهرة لكن يأتي الوقت الذي تسحب البساط من تحت أقدامهم فقط لأن عمرهم لم يعد مناسبا لها. كأس العالم من بين المنافسات التي تغيب 4 سنوات، قبل العودة من جديد ومن حالفه الحظ من اللاعبين ودخل المعترك الكروي في سن صغير يكون قد نال شرف المشاركة في هذا العرس الكروي 4 مرات على أبعد تقدير. كأس العام القادم، الذي ستحتضنه أرض روسيا سيغيب عنه عدد كبير من النجوم اللذين أبدعوا في كرة القدم، ليس لأنهم رفضوا المشاركة، بل لأن أعمارهم لن تسمح لهم بخوض منافسة من حجم المونديال هذا إن لم يكونوا قد اعتزلوا ممارستها. من بين أبرز النجوم التي ستغيب عن مونديال روسيا، العملاق الكبير وصاحب الرقم القياسي في إحراز الأهداف بالمونديال ميروسلاف كلوزة، اللاعب الألماني الذي كانت دورة البرازيل أهم إنجازات حياته، حيث حاز رفقة منتخبه بكأس العالم، إضافة إلى تحطيمه الرقم القياسي بإحرازه 16 هدفا في بطولات كأس العالم، صاحب الرأس الذهبي البالغ من العمر 36 عام، كشف في تصريحات إعلامية انه حان الوقت لاعتزاله، وأنه يفضل أن ينهي مسيرته وهو في قمة عطائه، مشيرا في معرض كلامه أن مونديال البرازيل آخر منافسة عالمية سيخوضها في حياته الكروية. النجم الإنجليزي ستيفن جيرارد، هو الأخر لن يتمكن من خوض منافسات المونديال الروسي. ابن 34 ربيعا تعذر عليه تحقيق أي انجاز ولو متوسط خلال مونديال البرازيل حيث خرج رفقة منتخبه من الدور الأول بعد خسارات متتالية، كانت بمثابة "القدر" الذي سينهي به مشواره الكروي دون أي انجاز مونديالي بخزانة أعماله الكروية. جيرارد لن يكون العملاق الانجليزي الوحيد الغائب عن مونديال 2018، بل سيغيب معه مواطنه فرانك لامبارد الذي وصل لسن 36 سنة، دون أن يحرز أي انجاز في كأس العالم هو الآخر. أحد أبطال النسخة الماضية من الكأس العالمية، تشافي هرنانديز سيكون أبرز الغائبين عن المونديال القادم، حيث مع حلول منافسة كأس العام 2018 سيكون عمر النجم الكتلوني 38 سنة. تشافي كان يمني لنفس خلال منافسات كأس العالم بالبرازيل أن يعيد إنجاز 2010 حين توج المنتخب الإسباني بطلا للعالم، لكن الأقدار جاءت عكس أحلام وسط ميدان برشلونة، إذ خرج رفقة زملائه بشكل مدوي بعد إخفاقهم في تجاوز الدور الأول، ليرافق مواطنه الحارس العملاق إكر كاسياس إلى وضع نهاية للمشاركات المونديالية، فلا عمر الأخير ولا مستواه سيسمحان له بخوض منافسات كأس العالم من جديد. كما أن أغلب وسائل الإعلام الإسبانية حملت إخفاق منتخب "لاروخا" في مونديال البرازيل إلى الحارس البالغ من العمر 33 سنة، بعد أن استقبلت شباكه 5 أهداف في أولى مباريات المونديال. حارس أخر لن يسمح له عمره بالدفاع عن شباك منتخبه خلال مونديال 2018، ويتعلق الأمر بالحارس الأمريكي، تيم هاوارد البالغ من العمر 35 سنة، حيث مكنت النسخة الماضية من المنافسة ذاتها هاوارد من حفر اسمه في أذهان الملايين بعد أدائه اللافت مع منتخب بلاده. ولعل المنتخب الايطالي سيكون هو أيضا مضطرا للبحث عن حارس جديد، حيث بات الظاهرة جانلويجي بوفون، على أعتاب الاعتزال حيث شارف على تجاوز 36 عاما، وهو ما سيجعل إيطاليا تفتقد له ولنجمها المتخصص في ضربات الجزاء أندريا بيرلو الذي تعدى 35 عاما، هو الآخر. مونديال 2018 سيكون مجرد من النجمين الإفريقيين ديدي دروغبا، وسمويل إيتو اللذان تعدى كلاهما 36 عاما، كما سيعرف الحدث العالمي غياب النجم الأوروغوياني ديغو فورلانو والمكسيكي رفايل ماركيز، لتخطيهما السن الشباب الكروي. مونديال البرازيل، إذن كان بمثابة مونديال التقاعد للعديد من اللاعبين "العجزة" الذين سيكونون غالبا في مقاعد الجمهور لا مقاعد المنتخبات في مونديال روسيا 2018.