ينطلق العرض بفيديو يفتتح المسرحية ونسمع.. تجار الدين لن يمروا... تجار الدين لن يمروا.. كانت رسالة واضحة.. في أول العرض المونودراما نشاهد فيديو على الشاشة قبل دخول صوفيا هادي أو لورا ساندير إلى الفضاء.. الحكاية في الأصل اشتغال بذكاء على عمل ماري رودوني.. مسرحية المونودراما المرأة صاحبة المسدس 45 تبدأ برحلة هجرة سرية.. حريق ومغادرة غير طوعية من بلد يختنق فيه البشر فيهربون بحثا عن هواء نظيف وحياة أخرى.. المسرحية la femme au colt 45 هي في الأصل سفر .. حقيبة.. ذكريات ماض مؤلم.. هروب... خوف.. فزع من المجهول.. من القمع من الاستبداد.. الخوف إحساس فظيع.. الغريزة المدمرة للإنسان.. المرأة والرجل.. نبيل لحلو نجح بامتياز في الإخراج والسينوغرافيا بينما صوفيا هادي أبانت كما العادة أنها فنانة من مستوى رفيع جدا متمكنة من شخصيتها التي لعبت... المرأة الهاربة الحراقة.. حكاية حدود.. وبحث عن ملجأ وعمل وتوجس من مباحث وبوليس وتهديد بالجوع والضياع والتشرد في أي لحظة.. تعب ومعاناة.. خوف من اغتصاب.. دهشة .. حرب مع طرف الخبز...الحياة ليست سهلة.. ثم أن العرض أيضا، اعتراف بحب المسرح ومديح له والحلم بالعودة إلى ممارسة هذا التعبير الفني الجميل.. الذي من خلاله نعيد فهم حياتنا الواقعية.. النص مشحون مكثف بالسرد ولغة فرنسية أدبية بلكنة مهاجرة حارقة مع ممثلة فاضت بطاقة الافتتان والإشراق.. كانت صوفيا هادي في نهارها وهي تشخص قصة المهاجرة بأسلوب الكبار الذين جعلوا من المسرح ضربات نحات محترف على الصخر حتى يكتمل التمثال وتنفخ فيه الروح.. نحن معها في السكن... في الغابة.. في مطعم البيزا والمكتبة.. لكننا نسافر معها في الماضي والخيال وصور الذكريات والأحلام والهواجس .. الفردي المسدس يصنع منا لحظات الضعف أشخاصا أقوياء أشداء نملك الثقة والشجاعة ويمكن ان نصوب الرصاص نحو البريداتور أو أي مفترس و معتد.. الفردي 45.. حارسنا ومنقذنا .. الفردي.. الكولط هو كل شيء... ولا خوف على من له مسدس يحمله معه ويشعره بحقه في الوجود والعيش.. في المسرحية نشعر بعناوين أخرى شتى.. العجز الجنسي.. الشيخوخة.. مقاومة الجسد.. الأنثى.. السياسة.. الفساد .. السلطة.. العصابات.. الحدود.. النهر.. الضفة والضفة الأخرى.. السجن.. البوليس.. المسرحية كان من سوء حظها أنها برمجت في أول يوم إعلان الحجر الصحي وإقفال القاعات.. لكن ما تمشي غير فين مشاك الله.. وكان أن انتظرنا كل ذلك الزمن القاهر الطويل لنراها مؤخرا في أبهى حلى بعروض في الرباط والدار البيضاء ومدن أخرى.. من صادف المرأة مولات المسدس 45.. فليشاهد المسرحية.. وله الأجر والمتعة والفرجة . اللهم قد بلغت..