كان لابد لي أن أجد المرأة في دواخلي، كي اهديها وردة الثامن من مارس، تلك القابعة في جيناتي، لا التي أعشقها ذاتا منفصلة، بكينونتها الرائعة، روحا جذابة وجسدا مشتهى، ولا أما تكونت في رحمها ورضعت نسغ الحياة من صدرها، وتعلمت المشي الحثيث على خطى الألم والأمل، ولا أختا أركن لسعة صدرها وهي تستمع لهمومي الصغيرة وشغبي الفاضح، ولا بنتا تكبر بين أصابعي كزهرة برية تمد جذورها في رعونتي وفي وداعة والدتها... المرأة التي أحتفي بها هذه السنة هي أناي الأخرى، هويتي الأنثوية التي تسند ذكورتي، فتصقل الإنسان في دواخلي، تلك الوداعة التي تنتابني والضعف الإنساني وأنا ارغب في حضن امرأة، ليس بحثا عن المختلف بيننا بقدر ما هو بحث عن هويتي الأنثوية... أبحث عن "أنيما" ، الظاهرة الأنثوية في الوجود، في وجودي اليومي، كما أبرز العالم النفسي السويسري جوستاف يونغ، في تقابل مع "الأنيموس"، وهو الظاهرة الذكورية في الوجود، وفي وجود حبيبتي بالضبط... اليوم أبحث عن أنيما، كي أهديها وردة الثامن من مارس، وأقلب مواجعها خلال السنة التي مضت، إن كنت قد سقيت جذورها بما يكفي من حب ورعاية، أم أنني أهملتها، تعسفا وظلما، كما يفعل الكثير من بني جنسي، وهم يبوؤون أنيموس مربع تتويج لا يستحقه بالضرورة باستمرار...
كتبت نوال السعداوي في كتابها المرأة هي الأصل " المعروف بيولوجيا و فيزيولوجيا أنه ليس هناك من هو ذكر خالص مائة بالمائة و من هو أنثى مائة بالمائة.بل إن الأعضاء الجنسية و الهرمونات الجنسية في كلا الجنسين تتداخل. و يحتفظ الرجل ببقايا أعضاء أنثوية منذ كان جنينا و تحتفظ المرأة ببقايا أعضاء ذكرية منذ كانت جنينا. و يجري في الجنسين في مختلف مراحل العمر هرمونات مؤنثة و مذكرة."
عن تلك المرأة ابحث اليوم، القابعة فينا نحن الذكور، كي نقبل خدها، ونمسك بكفها بحنان المرأة ذاتها، ونحتفي بها كما لم نحتف من قبل، لعل إنسانيتنا تكبر عما هي عليه كوننا رجال فقط، يقول الدكتور عبد الستار في كتابه "آفاق جديدة لدراسة الإبداع" "" المبدعين من الذكور يظهرون – بمقارنتهم مع غير المبدعين – قدرة على التطور بخصائص شخصياتهم ترتبط بالتعبير عن الأنوثة مثل الحساسية المرهفة والتعبير عن المشاعر والاهتمامات الجمالية و العاطفية."...في تسليم تام بأن المبدع يقترب لكمال الإنسان، و لا أرى غضاضة في سعينا كرجال لمراتب الإبداع...
لا بد في هذه العجالة، أن أستسمح الصديقات ، النساء، عن هذه التهنئة النرجسية، نحو طيفهن في ذوات الرجال، أصدقائي، لعلهن يلتفتن للذكور المتمترسين بين جوارحهن، كي يرعونهم بما يحقق إنسانيتهن التي لا تكتمل إلا بإنتصابنا في جيناتهن... إلى الأصدقاء الرجال، كل ثامن من مارس وأنتن رائعات وجميلات...