ظلت ألمانيا صخرة للاستقرار السياسي في أوروبا طيلة عهد المستشارة ميركل، غير أن نتائج الانتخابات التي تقدم فيها الاشتراكيون بشكل طفيف، أفرزت مشهدا غامضا سيجعل مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي في غاية الصعوبة. فمن سيكون المستشار؟ من المفترض أن تصدر الأحزاب الألمانية المختلفة التي قد تدخل في ائتلاف حكومي مقبل، مؤشرات حول تحالفاتها المحتملة اعتبارا من صباح اليوم (الاثنين 27 سبتمبر 20121). غير أن الطريق لتشكيل الحكومة لن يكون بالضرورة مفروشا بالورود. فقد أظهرت أولى النتائج الرسمية المؤقتة التي نشرت صباح اليوم على موقع اللجنة الانتخابية حصول الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة أولاف شولتز على 25.7% من الأصوات متقدّمًا بفارق ضئيل على المسيحيّين الديموقراطيّين المحافظين بقيادة أرمين لاشيت الذين حصلوا على 24.1% من الأصوات، وهي أدنى نسبة لهم. ولم يسبق للمحافظين أن سجلوا نسبة تقل عن 30 %. ويشكل ذلك انتكاسة قوية لمعسكر المستشارة الألمانية أنكَيلا ميركل في وقت تستعد فيه للانسحاب من الحياة السياسية. لكن ذلك لا يحسم النتيجة، ففي ألمانيا لا يختار الناخبون مباشرة المستشار بل النواب ما أن تتشكل غالبية. ويبدو التوصل إلى غالبية معقدا جدا هذه المرة لأنها ينبغي أن تشمل 3 أحزاب وهو أمر غير مسبوق منذ 1950 بسبب تشرذم الأصوات. وذكرت مجلة "دير شبيكَل"، "لعبة البوكر بدأت" مضيفة "بعد التصويت تبقى الأسئلة الرئيسية مفتوحة: من سيتولى منصب المستشار؟ ما طبيعة التحالف الذي سيحكم البلاد في المستقبل؟". بالنسبة للاشتراكيين الديموقراطيين الأمور واضحة، إذ قال زعيمهم شولتسر البالغ 63 عاما "من المؤكد أن الكثير من المواطنين صوتوا لنا "لأنهم يريدون تغييرا في الحكومة، لأنهم يريدون ان يكون المستشار المقبل أولاف شولتز". وأكد اليوم مجدد أن "الحزب المسيحي الديموقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي (الفرع البافاري) لم يخسرا أصواتا فحسب بل تلقيا رسالة من المواطنين مفادها انه لا ينبغي أن يكونا في الحكومة بل في المعارضة" وتكمن المشكلة في أن منافسه اليميني الوسطي ورغم نتيجته "المخيبة للآمال" ليس مستعدا للجلوس في مقاعد المعارضة. فقد أكد المرشح المسيحي-الديموقراطي ذلك بالقول"سنبذل قصارى جهودنا لبناء حكومة" من تحالف المحافظين. فقد يتحالف الاشتراكيون الديموقراطيون (206 نواب) مع الخضر الذين حلوا في المرتبة الثالثة بحصولهم على 14.8 % (118 نائبا) والليبراليين في (الحزب الديموقراطي الحر) الذي حصد 11,5 % من الأصوات (92 نائبا). كذلك، يمكن للمحافظين (196 نائبا) أن يشكلوا الحكومة مع الخضر والليبراليين. ويظهر استطلاع للرأي نشر نتائجه معهد يوكَوف ليل الأحد / الاثنين أن غالبية الناخبين تحبذ الخيار الأول. ويرى 43 % أن أولاف شولتز يجب أن يصبح مستشارا. وسيكون ذلك رهنا بإرادة الحزبين الصغيرين الذين وصفتهما صحيفة "بيلد "الاثنين بأنهما "صناع ملوك". وبالنسبة لأقدم حزب في ألمانيا ستشكل الأسابيع المقبلة اختبارا، فطوال الحملة الانتخابية وضع الاشتراكيون الديموقراطيون حدا للخلافات القديمة بين التيارين اليساري والوسطي فيه دعما لزعيمهم وزير المالية الحالي في حكومة أنكَيلا ميركل. https://m.dw.com/ar/لعبة-البوكر--انتخابات-ألمانيا-تفرز-مشهدا-سيُصعب-تشكيل-ائتلاف-حكومي/a-59322558