وإذا أمعنا النظر في تركيبتنا المغربية سنجد أن أغلبنا ديكتاتور، أو على الأقل بداخلنا ديكتاتور، فالأب يمارس ديكتاتوريته على الزوجة وعلى الأبناء، الأم تمارسها على بناتها، والأخ الأكبر يمارسها، بدوره، على من هو أصغر منه، والمعلم يمارسها على تلاميذه، والمدير على موظفيه، وهكذا دواليك. لنعد إلى خطاب الملك، قلت إنه أعلن عن حكمة، والحكمة أن يخطب فينا بعبارات واضحة ويقول إن الملكية، كما الدستور ليس كتابا مقدسا لا تغيير فيه، بهذا القول يكون الملك قد وضع قطيعة بيننا وبين ما قبل 20 فبراير، وأثبت أن لا الملكية ولا أي قانون كيفما كان لا يحتمل التغيير والتطوير، لكن لا بد من التشديد على كل القوى السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية في هذه البلاد للمساهمة في الحفاظ على مكتسبات مثل هذه، مكتسبات، أيها العباد، إن لم نحكم قبضتنا عليها من حديد، سنضيعها إلى الأبد، وغنعاودو من الأول. قلت حكمة لأن الملك "بالعربية تعرابت" نفض الغبار على أحزاب شاخت وأخرى ماتت، بهذه الحكمة يقول لها، باسم كل شاب وشابة خرجوا يوم 20 فبراير ينادون بالإصلاح، "وا نوضي من النعاس، وخدمي وساهمي في تنمية البلاد، ماشي في تنمية الجياب والتبناد في المؤتمرات". لا يعني هذا أن تكون بيننا وبين ماضينا قطيعة، فبعد هذه المكتسبات جاء الدور على كل منا لتنظيف محيطه من كل شوائب هذا الماضي، بالعقلانية التي أبان عنها الملك يوم 9 مارس، وبحسن التصرف ومحاسبة كل من خولت له نفسه الإضرار بهذا الشعب ومصالحه، وكل من كان سببا في "الحكرة" وتشويه سمعته وجعله أضحوكة داخل البرلمان، يسخر من جهله ومرضه ويضحك عليه أمام كاميرات التلفزيون، وكل من أهدر ماله وأهان كرامته وسلبه أرضه وحريته. وعلى ذكر الحرية، فإذا كان خطاب الملك محمد السادس ركز في التعديل الدستوري، المزمع تقديم مشروعه يونيو المقبل، على "توسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية"، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر في بيتنا الإعلامي وترتيبه أحسن ترتيب، أولا برفع الوصاية عنه، إذ يكفي التعامل معه وكأنه طفل محجور عليه، تأتيه الأوامر الخفية من هنا وهناك "قل ولا تقل"، "أكتب ولا تكتب"، "بث ولا تبث"، فزمن التدخل في الكبيرة والصغيرة قد ولى، كما ولى زمن رسم خريطة التلفزيون بأناسها وأخبارها وبرامجها حسب الأهواء والمصالح، وفي بعض الأحيان خوفا من غضب أحد ما أومن تكسير شيء ما حتى غدت الرقابة جزءا لا يتجزأ من العاملين في التلفزيون. فلننتظر، نحن الشعب المغربي، بكل أطيافنا وتوجهاتنا ومشاغلنا ومعنا ملك البلاد، شهر يونيو المقبل، لنرى ما قد ستؤول إليه مصائر العباد والبلاد.