إنه يغار من المسلمين. الرئيس الفرنسي إيمانييل ماكرون يغار من المسلمين ويحسدهم. هذه هي الحقيقة. دون لف. ولا دوران. وعلينا أن نصارحه بذلك. وعلى كل فرنسا أن تسمعها منا. وفي وقت الأزمة. وبينما العالم كله يعاني من البطالة ومن فيروس كورونا. وبينما يعاني ماكرون من تراجع رهيب في شعبيته. فإن أغنى الدول العربية تتنافس على مسلمي فرنسا. وتخطب ودهم. وتبني لهم المساجد. والمدارس. وتؤسس لهم الجمعيات. وتمنحهم التبرعات. وهذا يغيظ ماكرون. وهذا يغيظ المسيحيين واليهود والبوذيين والكفار الذين لا يدعمهم أحد. ولا أموال تصلهم من الخارج. حيث هناك منافسة شرسة بين قطر ودول الخليج الأخرى حول من يبني أكبر المساجد وأجملها. وبين من يتبرع أكثر من غيره. وبين من يرغب في زيادة عدد الإخوان والسلفيين في فرنسا. ومن يرغب في التقليص منهم. وهذا كله يخدم الإسلام. ويقوي شوكة المسلمين في بلاد الفرنجة. كأن فرنسا هي ساحة للحرب فقط بين الأشقاء المسلمين أصحاب النفط والغاز. كأنهم يقللون من شأنها. كأنهم ينقلون معاركهم إليها. كأن لا حكومة لها. ولا حدود. ولا قوانين. ولأن فرنسا بخيلة. وجشعة في نفس الوقت. واستعمارية. وتعاني. ولأن لعاب رئيسها يسيل كلما رأى المال. فقد صرح بأن الإسلام في أزمة. والحال أنه هو المأزوم. وهو الذي يبحث عن الدعم. ويتمنى في قرارة نفسه أن يكون مسجدا. أو جمعية. أو إخوانيا. لتساعده قطر. ولتبنيه. ولتضع صومعة فوق رأسه. ولتصنع له بابا مقببا. وتملطه. وتزلجه. ويتمنى أن يكون ضد الإخوان لتساعده الإمارات وتدعمه. ويتمنى أن يكون مسلما. وما يغيظ ماكرون أكثر أن كل تنويعات الإسلام لها جاذبيتها. ولها داعموها. والإخوان والسلفيون لهم قطر. والمسلمون "الحداثيون جدا" لهم الإمارات. وحتى الكفار المسلمون صار لهم من يمولهم. ويعتني بهم. وينشىء لهم المنابر. بينما لا أحد يدعم الفرنسيين دو سوش إلا الدولة. وقد صاروا عبئا عليها. في حين يكفي المسلم أن يختار أي دولة خليجية هو معها. ليتلقى الدعم وليبني المساجد بمكتباتها. وصوناتها. وحماماتها. ومراكزها التجارية. وليؤسس المدارس بأساتذتها وخريجها. وليصبح غنيا. وليحصل على التحويلات كأن الدولة الفرنسية غير موجودة. كما أن هناك مملكة مغربية في فرنسا. بمعاريضها وعياشيها وإخوانها. ومساجدها. ورجال دينها. وهناك جمهورية جزائرية قائمة الذات في باريس. بأمازيغها وعسكرها. ومساجدها. وفقهائها. وهناك تنافس حول من يحكم المسلمين في فرنسا. وهناك مسيحيو شرق يعيشون في كنف الإسلام السياسي المدعوم. وفي دول الخليح داخل فرنسا. ويكتبون في جرائدها. ويشتغلون في قنواتها. ويصبحون إخوانا. أو مسلمين متفتحين. حسب الدولة المانحة. أو مطبعين أو ممانعين في فرنسا حسب الدولة الخليجية الداعمة.و وهناك تركيا في فرنسا. وهناك إسلام في كل المدن. وفي كل القرى. وهناك ذبيحة حلال. وهناك صلصة جزائرية زاحفة من بلاد البلجيك لتزيح عن طريقها الكاتشاب والمايونيز. وتتربع على عرش الصلصات. وهناك صفير على المارسييز في الملاعب. وهناك مسلمون يدافعون عن الإسلام بالقتل. وهذا ما اعتبره الرئيس الفرنسي أزمة. والحال أنه علامة على حيوية دين الإسلام. ودليل على زحفه. وعلى إقبال الناس عليه. بمن فيهم نجوم فرنسا. وبمن فيهم المراوغ الكبير فرانك ريبيري الذي اعتنق ديننا. ثم المغنية ديامس. والدين الذي يعتنقه ريبري وديامس مستحيل أن يكون في أزمة. أما ما جعل ماكرون يخرج عن طوره. ويتوتر. ويقترب من معاداة المسلمين. ومن خطاب اليمين المتطرف. فهو أن بعض المنتمين إلى الإسلام يتفرقعون لأقل سبب. ويتفرقعون بسبب رواية. ويتزنرون بالأحزمة الناسفة بسبب قصيدة. أو فيلم. أو رسم. أو لوحة. ويقود بعضهم حافلة في رصيف ممتلىء بالناس. بهدف قتل أكبر عدد منهم. وهذا هو ما يسمونه إرهابا. بينما هو مجرد انفعال زائد. ومشاعر جياشة. وغيرة على الدين. وبمثابة رد فعل. ناهيك عن نوع من المسلمين يحارب الرسوم المتحركة. ويتحداها. ويدخل في معارك دينية ضد البوكيمون وضد المونغا. وضد عائلة سيمبسون. وهذا يجنن الفرنسيين. ولا يقدرون على استيعابه لعجز فيهم وليس في المسلمين. فيتخيلون الإسلام في أزمة. بينما هو منتعش. وحي. وحاضر. ويقبل عليه الناس. ويتعجبون من المسلمين. وفي فرنسا الآن دول مسلمة كثيرة. وهناك دول داخل الدولة الواحدة. وهناك قوانين دينية نقيض لقوانين فرنسا. ولقيم الجمهورية. وهناك ثيواقراطية داخل اللائكية. ودساتير وشرائع داخل الدستور الفرنسي. وكل مذهب له فرنسا خاصته. وهناك الآن فرنسات كثيرة. وهناك موائد الرحمن. بدل مطاعم كوليش العلمانية. وهناك كسكس في كل الموائد والمطاعم. وهناك شاي منعنع. وحريرة.وبغرير. ومسمن. وخبز بالشحمة. ينافس الكرواسون. وهناك طرق مليئة بالمصلين. وركوع إلى جانب السيارات. والدراجات. وهناك آلات تصلي. وعجلات تعبد الله. ثم يأتي رئيس غر يدعي أن الإسلام في أزمة في كل العالم. أين هي. من منكم يرى وجود أزمة. بل العكس هو الصحيح. ومن يعرف دينا يتميز بكل هذه الحيوية. وكل هذا الانتشار. ومن يعرف متدينين بكل هذه الحماسة الدينية. ويتفرقعون في المسارح. ويفجرون حفلات الغناء. ويقتلون بدم بارد الصحفيين. وربما يقصد ماكرون الحجاب. والنقاب. وقد جاء وقت صار فيه النساء والرجال يضعون الأقنعة. والكمامات. وصار الكل عفيفا. وصار خلع الكمامة يؤدي إلى السجن. وإلى أداء أكثر من 130 أورو. وربما يقصد بالأزمة التعدد. وزوجة في فرنسا. وأخرى في البلد الأصلي. بينما لا يرى ماكرون أي مشكل في خطاب التعدد الغربي. وفي فلسفة الاختلاف. وفي الهجانة. وفي غياب الأصل. ولذلك رد عليه المسلمين بأخلاقهم العالية. ولمحوا إلى زوجته. فعن أي أزمة تتحدث يا ما كرون. قل لنا قل لنا أين ظهرت لك أزمة الإسلام وهل كل هذا التألق. وهل كل هذه النجومية الذي ازدادت في السنوات الأخيرة وهل كل هذه الدول المسلمة التي صنعت إماراتها وممالكها وجمهوريتها في قلب الجمهورية الفرنسية. وفي قلب الأنوار. وبفضل الإسلام وشعوبه ودوله صارت فرنسا متعددة وحداثية وفيها دول كثيرة في قلب الدولة الواحدة. هل كل هذا النجاح. والزحف. يشكل بالنسبة إليك علامة على أزمة ديننا. وقد تحدثث عن "انفصالية" المسلمين وعن انعزاليتهم. وعن عدم احترامهم لقيم وقوانين الجمهورية بيننا كل ما قلته ليس صحيحا بالمرة. والصحيح هو أن غير المسلمين هم الذين يرفضون الاندماج مع المسلمين في فرنسا. ويتجنبونهم. ولا يرغبون في تطبيق الشريعة. ولا يعترفون بالأمر الواقع. وبأننا خمسة أو ستة ملايين. ولا حل إلا اندماجكم في مجتمعاتنا داخل فرنسا. وفي بلداننا ودولنا داخل فرنسا. وفي سلفيينا. وفي إخواننا. وفي مغاربتنا. وفي جزائريينا. وأتراكنا. بدل انعزاليتكم وعدم قبولكم لنمط عيشنا. وإصراركم على العيش في غيثوهات علمانية لا روح فيها. وتشبثكم بخطاب اللائكية وبقانون 1905 واعتقادكم أن الكنيسة هي دار العبادة وهي الجامع وهي الكنيس. وأنه لا فرق. وقد حان الوقت لتتغيروا. ولتتخلصوا من الماضي. ومن سطوة القوانين عليكم. ومن تحكم فكر الأنوار وتقاليد وقيم الجمهورية البالية فيكم. ومن سلفيتكم العقلانية وحينها ستكتشفون أن الإسلام ليس في أزمة بل صورتكم عنه فحسب هي التي في أزمة وتصوركم للإسلام هو المأزوم بينما الإسلام هو الحل لفرنسا ولكل العالم.