يبدو مصطفى سوينگا للوهلة الأولى مجرد صانع محتوى. إلا أنه. ومنذ أن استقبل مسؤولا في وزارة الخارجية. بدأت الشكوك تحوم حول شخصه. وبدأ الناس يطرحون التساؤلات. وبدا البعض أنه أكثر من صانع محتوى. أما حين قام بنشر مواد من مشروع القانون المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح. فقد جعل الكل يركز عليه. وجعل اسمه على كل لسان. حتى أن الاتحاديين شكلوا خلية خاصة للتحقيق في شأنه. ولسبر أغواره. ولمعرفة من يكون. ومن أرسله. ومع من يشتغل. واستقر تحقيقهم إلى أنه سوينگا. وسوينگا بالنسبة إليهم معروف. والحقيقة لا يمكن أن تأتي من صفحته. هذا ما توصل إليه حزب الاتحاد الاشتراكي من خلال أبحاثه. لكن لا أحد قام بتحقيق محايد بخصوص هذا الشاب. ولذلك قررنا في "كود" أن نحفر في محيطه. ونسأل عنه. ونجمع أكبر قدر من المعلومات حول حياته. ومساره. وتكوينه. والمهن التي مارسها. وقد قررت أنا شخصيا أن أصنع محتوى من مصطفى سوينكا. وأقرب القراء منه. وأشرحه. وأبسطه. للرأي العام. كما هو يبسط المعلومات للناس مشكورا. وذلك بشكل مهني ومحايد. ولا انحياز فيه لأي طرف. إلا أن العقبة التي اعترضت طريقي كانت منهجية بالأساس. وتتعلق بالسؤال التالي: هل يمكن تبسيط المُبسِّط. وتحليله. وهل يمكن أن أصنع محتوى من صانع المحتوى. وهل يمكن أن أربح منه وأكتب مقالا. وأنتشر ويكون لي متابعون. وهل يمكن أن أصنع قناة خاصة بي. وصفحة. ومع الاشتغال عليه تمكنت من تجاوز هذه العقبة. ولم يعد تبسيط المبسط وصنع محتوى من صانع المحتوى يشكل عائقا أمام تقدمي في التحقيق. وأول ما توصلت إليه أن مصطفى سوينگا كان يريد أن يصبح فنان سيرك. يلعب بالحبال. ويروض الحيوانات. ويرقص الدببة. وبما أن العالم أصبح كله سيركا. وصار كل ما يحدث. وكل ما يؤثر. يفعل ذلك افتراضيا. وإلكترونيا. فقد تخلى سوينغا عن حلمه الأول. وأطلق قناته الخاصة. وأصبح مئات الآلاف من الناس يتابعونه. وبالبحث المتأني. فإني اكتشفت. أن قصة السيرك هذه. كانت للتمويه. ولا وجود لشخص اسمه مصطفى سوينغا. بل هو خوارزمية مجهولة المصدر. وضعها علماء. لا أحد يعرف أسماءهم. ولا مع من يعملون. في المغرب. وكانوا يطمحون. من إطلاقها في الويب. إلى صناعة محتوى للمغاربة. وتشكيل رأيهم. وتكييفهم. كي يصبحوا جاهزين في سنة 2030. لكن يظهر أن مشروعهم فشل. لينسحبوا. ولتبقى الخوارزمية عالقة. ووحيدة. فأخذت تتطور. وتطور أداءها. وتتأقلم. وتعول على نفسها. وعلى إمكاناتها الخاصة. إلى أن أخذت شكل مصطفى سوينگا الحالي. وهي التي استقبلت مسؤول وزارة الخارجية. وهي التي سربت مشروع القانون 22-20. وبالنظر مليا في مصطفى سوينگا. وفي المحتوى الذي يصنع. وفي الفيديوهات التي يصور. وبتفكيكها. وبتقطيعها. اكتشفت أنه ليس إنسانا. بل أفاتار. بل "ترول" يتحكم فيه عن بعد من قاعدة معطيات في وادي السيلكوم. وهناك من يذهب بعيدا ويقول إنه فيروس. ومن خصائص سوينگا أنه يتحول. وتكون له صور. وأشكال. وتارة يكون آلة مسربة لمشاريع القوانين وطورا يصبح آلة لصنع المحتوى هدفها الخفي هو تشكيل الرأي. وقد اقترب الاتحاديون من حقيقته لكنهم لم يذهبوا بعيدا. ولواقعيتهم الاشتراكية ظنوه من لحم ودم. وأنه ضدهم. لكنه سوينگا وسوينگا هو برنامج سري للذكاء الاصطناعي. يشتغل على كل المواضيع. ويكفي أن تزوده بها. ويكفي أن توفر له ما يحتاجه من الخوارزميات. ليكون فعالا. وليعوض الصحفي. وليعوض كثيرا من المهن الآيلة للانقراض. وهو أشبه بوعاء او بقالب يتشكل بالمضون الذي تسكبه فيه. وككل اختراع فطريقة استعماله وتوظيفه هي التي تحدد ما إذا كان سيئا وما إذا كان جيدا. أما سوينغا فهو ليس مع أحد. وحكمنا عليه هو الذي يجعله مع هذه الجهة أو تلك. وككل خوارزمية. فهي ضرورية لتفعيل البيانات. وهناك من يقول إنها ستعوض الإنسان. ولذلك أرسلت الخوارزمية العظمى مصطفى سوينغا ليتقصى الوضع. وليخبر كبار الخوارزميات بجديدنا. قبل أن يفاجئه الاتحاديون. ويكشفوه على حقيقته. وأنه آلة تسريب. وقبل أن تتركز عليه الأنظار. وقبل أن يطرح الجميع سؤال : من يكون مصطفى سوينگا.