من مكر التاريخ أن يضطر عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورئيس البرلمان المنتهية ولايته، إلى الانسحاب من جلسة انتخاب كريم غلاب محله في رئاسة المجلس. عبد الهادي خيرات، كما يظهر في الصورة، كاد يمد يديه ليجر الراضي ويخرجه تنفيذا لقرار الانسحاب الذي اتخذه الفريق الاشتراكي من تلك الجلسة. حيرة الراضي وتشبثه بالجلوس في مقعده ليست غريبة على الرجل، لأنه ببساطة لم ينسحب يوما من أية مؤسسة قرر حزبه مغاردتها. سنة 1981 لما كان خيرات نفسه في السجن رفقة محمد اليازغي ومحمد الحبابي ومحمد منصور ومحمد الفرقاني والزعيم التاريخي للحزب عبد الرحيم بوعبيد، قررت قيادة الاتحاد الاشتراكي انسحاب فريقها النيابي من البرلمان. أغلبية النواب نفذوا قرار الانسحاب إلا قلة قليلة من جملتهم عبد الواحد الراضي. ثلاث سنوات بعد ذلك أعلن عبد الرحيم بوعبيد انسحابه من حكومة الوحدة الوطنية التي كلفه الحسن الثاني فيها بحقيبة وزارة دولة في إطار التوافق بين الحزب والملك الراحل حول قضية الصحراء. انسحاب بوعبيد من هاته الحكومة التي تقلد فيها منصبا شرفيا لبضعة أشهر تم من داخل القاعة التي احتضنت المؤتمر الوطني الرابع للاتحاد الاشتراكي سنة 1984. المفارقة أن مؤتمرا آخر هو عبد الواحد الراضي لم يقوى على الانسحاب وظل عضوا في نفس الحكومة التي غادرها بوعبيد مكلفا بوزارة التعاون إلى غاية سنة 85. توفي الحسن الثاني وتولى محمد السادس العرش خلفا له دون أن يغير الراضي شيئا في وفائه لشعار عدم الانسحاب. ففي سنة 2008 استأذن الراضي الملك محمد السادس في إعلان نيته مغادرة وزارة العدل إذا ما انتخب كاتبا أول للحزب، وذلك بضغط من مجموعة من شباب الحزب كانوا يدعمونه خلال معركة المؤتمر الثامن. أذن الملك للراضي وبقي الجميع ينتظر وفاء الراضي بوعده بعدما انتخب كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي، إلى أن استقبله الملك في إفران وأخبره أن إعفاءه من وزارة العدل غير وارد. الغريب أن الملك عزل الراضي بالفعل عن وزارة العدل بعد أسابيع قليلة على استقباله في إفران، ليعين مكانه محمد الطيب الناصري مطلع سنة 2010.