خذها مني نصيحة يا ادريس لشكر. وخذ تلك الشلة. خذها كلها. خذ حسن نجمي. خذ عبد الحميد جماهري. خذ مهدي مزواري. خذ فرحه العارم. خذ سعادته الطفولية. خذ كفاءاتك. خذها كلها. خذ حنان رحاب بالخصوص. خذ من لم يصبح وزيرا. أما إذا تأخر الحبيب المالكي. فانتظره حتى يتشيك. وحتى يرى وجهه في المرآة. ثم خذه معك. وخذ المصور. وخذ الصحفي. وكل من تستطيع أخذه معك. لا تترد وخذه. وبعد أن تجمعهم. خذهم مباشرة إلى مدينة سلا. خذهم إلى المقهى الذي سأضع لك عنوانه أسفل هذا المقال. فلا مصالحة ممكنة. ولا نجاح لما تقوم به إن لم تبدأ بشماعو وسعيد حجي أولا. ففي هذين الحيين أصل المشكل. وفيهما العقدة والحل. وفيهما المفتاح. وفيها الماضي والحاضر والمستقبل. وفيهما وصف دقيق للوضع. وقد تحيي اليسار من هنا. وقد يعود الاتحاد الاشتراكي إلى سابق عهده من سلا. ولا سلام. إلا إذا انطلقت المفاوضات مع الاتحاديين في هذين الحيين. وكل تأخير منك. وكل تردد. فإنه سيؤدي بك إلى الفشل. ولأني أثمن مبادرتك. ولأني أرى فيها عودة للاتحاد الاشتراكي. ولأني مؤمن بالحاجة إلى هذا الحزب في المغرب. ولأني أريد بدوري المساهمة في هذه الخطوة وإنجاحها. ولأني متابع لما يحدث عن كثب. ولأني شاهد عيان. فأني أخبرك أن ضحاياك بالجملة في حي شماعو وحي الأمل. وكل يوم يجتمعون في هذه المنطقة الحساسة. وكل يوم يناقشونك. ويذكرونك بالاسم. صباحا. مساء. ويوم الأحد. على قول الشاعر. ومنذ سنوات وهم على هذه الحال. ولا موضوع على لسانهم إلا الاتحاد الاشتراكي. ويمرضون بحزبهم. ويشفون به. ويأتيهم الاتحاد في الأحلام. وفي الكوابيس. ولا أبالغ يا إدريس لشكر. وأخبرك أنهم كثيرون. ومنهم من يقطن بهذين الحيين. ومنهم اتحاديون يزورونهم. واتحاديون يهاتفونهم. حتى أصبح حي شماعو عاصمة اتحادية. حتى أصبح قلعة اتحادية. حتى أصبح مقرا مركزا موازيا. ودائما أراهم. وأرى حاجتهم إلى الحزب. وأرى حنقهم عليك. وأرى رغبتهم في العودة. ولا أعرف من أين يأتون. لكنهم يتجمعون كل يوم في حي شماعو. ودائما هناك اتحادي في استقبالهم. وينتظرونه إن تأخر. وقد رأيتك تتصالح مع نوبير الأموي. وقد رأيت اليازغي متبرما منكم. بينما أضمن لك أنه المكان الأصلح للمصالحة. وعندي لك في حي شماعو اتحاديون شباب. واتحاديون كهول. وقطاع نسائي. ونقابيون.ورجال تعليم. واتحاديون يائسون. واتحاديون منظرون. واتحاديون يقرؤون الطالع السياسي. واتحاديون منجمون. واتحاديون ومن هول ما وقع لحزبهم تصوفوا. واختاروا تجربة الذوق. واتحاديون لهم القدرة على فهم كل ما يحدث في العالم. ويحللون السياسة الداخلية والخارجية. ويفكون شيفرة المخزن. بينما يعجزون عن تحليل ما وقع لهم. وغالبا أن هناك اتحاديين في كل المدن. وغالبا أن هناك اتحاديين عالقين في الدارالبيضاء وفاس والقنيطرة والخميسات وبني ملال ومراكش وأكادير وفي المهجر. وفي الشتات. وفي كل القارات. وما سلا إلا مثال. وهي ظاهرة فريدة. كما لو أن هذا الحزب تعرض لقصف كما لو تعرض لاجتياح من عدو وكل أعضائه نازحون. ومنتشرون في كل مكان. وإذا كنت جادا يا ادريس لشكر وإذا كنت ترغب حقا في المصالحة فما عليك إلا أن تبدأ من حي شماعو ومنه إلى باقي الأحياء.والمدن والقرى. ومن ناحيني أضمن لك أن الصورة ستكون جميلة وأضمن لك أنك ستتفاجأ بعددهم الكبير وسترى بأم عينيك هذه المأساة الاتحادية ماثلة أمامك وستصاب بالصدمة وقد تستفيد منهم. وقد تفاوض بهم . وقد تؤسس بهم اتحادا جديدا. وقد تستثمر فيهم. وتأكد أنك لن تخسر. وأنهم مازالوا يتوفرون على الطاقة. وقد تحيي بهم اليسار. والأهم هو أنك ستنقذني منهم ومن اضطراري الدائم إلى الاستماع إلى موضوعهم الأثير كأن لا موضوع في هذه الدنيا إلا الاتحاد الاشتراكي وقد صدعوا رأسي يا ادريس لشكر وأثروا علي وبسببهم صار لي موقف سلبي منك قبل أن أكتشف الحقيقة. وأنك أفضل كاتب أول عرفه الحزب على مر تاريخه. وبعد أن تخلوا عنك. وتركوا البيت الاتحادي فارغا وبعد أن حرسته كل هذه السنوات وحافظت عليه ها أنت وبقلب أبيض لا غل فيه تسعى إلى المصالحة وتقتش عن الاتحاديين وتلم شملهم وتجمعم من الشارع ومن المقاهي وتزورهم في منازلهم. فتعال وخذهم تعال. فإنهم منذ سنين طويلة وهم يجتمعون في نفس المقهى ولا يتحدثون إلا عنك تعال وتصالح معهم فحتى جمهور الكرة صار يشتكي منهم ومن نقاشاتهم الصاخبة وحتى الذين لم يسمعوا باسمك يوما صاروا يعرفونك حق المعرفة ويحنقون عليك ويطلبون مني أن أرجعهم إلى حزبهم. وأن أكتب عنهم وأعرف القراء على حالتهم. ويقول لي هذا هو دور الإعلام. هذا هو دورك كصحفي. أن تتحدث عن مآسي الناس. يقولون لي. والذين يشربون نص نص. وأصحاب عصير البرتقال. وشاربو الحريرة. وملتهمو الحرشوة. والذين يضعون لانشون وسط المسمن. وسارطو البيض. والمدخنون. والذين يخنقهم الدخان. والمارة. وحارس السيارات. والنادل. والذين يركزون على البنات العابرات في الرصيف. كلهم. كلهم. يتساءلون ماذا فعلتَ بهؤلاء الاتحاديين. ويظنون بك السوء ويظنون خطأ أنك السبب في زعيقهم وفي ترديدهم الدائم لاسمك وفي عطشهم الدائم وشربهم لعشرات الكؤوس من الماء ومطالبتهم بالقناني. وفي إزعاجم للمواطنين في المقهى بقصة الاتحاد الاشتراكي في الصباح. وفي المساء. ويوم الأحد. وأثناء مباريات الكرة.