كشفت صحيفة نيويورك تايمز الاثنين 30 سبتمبر عن قصة اشتعلت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة اللبنانية، بطلها الحريري نفسه وثروته التي كانت تقدر عام 2013 ب1,9 مليار دولار بحسب قائمة فوربس. قصة ليس من الواضح بعد كيف ستتفاعل وتؤثر على صورته السياسية والاقتصادية على الأقل. بحسب الصحيفة، وهب رئيس وزراء لبنان سعد الحريري 16 مليون دولار لعارضة جنوب أفريقية بعد علاقة رومانسية بدأت عام 2013 في جزر السيشل، ولم يكن حينها في منصبه، تضيف الصحيفة التي اعتمدت في تقريرها على وثائق من محكمة جنوب أفريقية. التحويلات المالية للعارضة كانديس فان دير ميروي بدأت عام 2013، واستمرت خلال الفترة الفاصلة بين ولايتين تقلد فيهما منصب رئيس الحكومة في لبنان، وكان حينها في الثالثة والأربعين من العمر بحسب الصحيفة، في حين كانت العارضة في العشرين من عمرها حينها. تضيف نيويورك تايمز أن القصة بدأت عندما أثار مبلغ مالي كبير حول إلى حساب عارضة مغمورة شكوك السلطات المالية في جنوب أفريقيا ودفعها لبدء تحقيق مالي، لم يكن دخل كانديس المصرح عنه حينها يتجاوز 5400 دولار سنوياً، لتقفز مدخراتها فجأة في / مايو 2013 إلى أكثر من 15 مليون دولار تم تحويلها من بنك لبناني. عندما سأل محققو الحكومة عن التحويل المالي البالغ 15 مليون دولار، قال مسؤول من البنك “إن المرسل والمستلمة حبيب وحبيبة ويقضون وقتهم حالياً في السيشل”. جوهر الجدال القانوني هو أن العارضة كانت تصر على أن هذا المبلغ مجرد هدية وبالتالي لا يخضع للضرائب حسب قانون بلادها، حيث أعطي إليها دون شروط من قبل سعد الحريري، بحسب ما قالته للمحكمة. بحسب وثائق المحكمة التي اطلع محرر الصحيفة على نسخ منها، تضمنت شهادة العارضة تفاصيل عن عملها. كان عمرها 19 عاماً عندما جندت للسفر إلى منتجع فاخر في السيشل حيث يتجمع أغنى أغنياء العالم، وحيث ترسل العارضات لإضافة “البريق” على الأجواء، هناك تتم مصادرة جوازات سفر العارضات ويمنعن من أخذ الصور. ويبدو أن كانديس استطاعت لفت الأنظار والنجاح في مهمتها، حيث تتالت أسفارها وتحسن وضعها فعلى سبيل المثال كانت بداية تسافر على متن الدرجة السياحية قبل أن تتم ترقية أسفارها لاحقاً إلى درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى. عام 2013 بعد عودتها من إحدى الرحلات التي أفصحت خلالها عن سيارة أحلامها، استلمت هدية عبارة عن السيارة نفسها التي تحدثت عنها إضافة إلى هواتف محمولة وسيارة من طراز آخر. بحسب محاميها فإن السيارتين اللتين تبلغ قيمتهما نحو 250 ألف دولار كانتا هدية من الرجل “الشرق أوسطي” نفسه الذي أرسل لها الأموال. ضمن الوثائق المقدمة إلى المحكمة أيضاً، رسالة إلكترونية إلى الحريري تزوده العارضة بها بتفاصيل حسابها البنكي وتقول له أنها ستشتري بالأموال التي سيحولها عقاراً، مضيفة عبارة ” love you my Saad” أي أحبك “سعدي”. بهذه الأموال البالغة 15 مليون دولار اشترت العارضة عقارات تبلغ قيمتها أكثر من 10 ملايين دولار، بما في ذلك منزل في حي راق في كيب تاون مع حوض سباحة خارجي وإطلالة على المحيط. وقالت إنها أقرضت أيضاً 2.7 مليون دولار لشركة عقارية يساهم فيها والدها إضافة إلى معاملات أخرى، تاركة 537 ألف دولار في حسابها. اعتبرت سلطات الضرائب ادعاءها بأن المال هدية غير معقول، واشتبهت بكون الأموال موجهة إلى والدها، وهو رجل أعمال خاض معارك قضائية متكررة مع سلطات الضرائب بشأن تعاملاته التجارية، لتفرض ضريبة دخل على المبلغ وتجمد هذه الأصول وتعين شخصاً للإشراف عليها حتى تتم تسوية المسألة. هنا تدخل الحريري مرة أخرى، وأرسل مبلغًا إضافيًا قدره مليون دولار للمساعدة في تغطية نفقات العارضة القانونية والمعيشية، وفقًا لوثائق المحكمة. وتوصلت كانديس إلى تسوية مع سلطات الضرائب في عام 2016، واستأنفت العام الماضي قبل أن يرد القاضي هذه القضية هذا الشهر. في يناير / رفعت العارضة دعوى قضائية على الحكومة مطالبة إياها بدفع 65 مليون دولار كتعويض عن الأضرار التي سببتها ملاحقة سلطات الضرائب لها، وهو الإجراء الذي فضح دور الحريري في القضية. في تفاصيل الدعوى قالت إنها اضطرت لبيع المنزل لأن تجميد الأصول منعها من دفع تكاليف الصيانة. كما أن القضية تسببت بأضرار لا يمكن إصلاحها لحياتها المهنية وأدت لقطع علاقتها بالحريري، تقول الدعوى: “تم إنهاء علاقة المدعية بالسيد الحريري، مما أدى إلى فقدان المزايا المالية التي كانت ستعود عليها من العلاقة إذا كان قد تم السماح لها بالاستمرار دون تدخل خارجي”. يذكر أن الكشف عن هذه القصة يتزامن مع وضع اقتصادي متأزم في لبنان الرازح تحت الديون والذي يشهد مظاهرات احتجاجاً على الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية، وبعد أيام من زيارة الحريري لفرنسا وإعلانه موافقة الأخيرة دعم لبنان بقرض قيمته 400 مليون يورو.