كيف تقرؤون تعيين الملك محمد السادس لفؤاد عالي الهمة مستشارا في الديوان الملكي؟ يمكن قراءة تعيين الهمة على عدة مستويات، قد يبدو تعيينه استمد من وحي تجربة الحسن الثاني في تعامله مع أحمد رضى كديرة، إذ كان كديرة مسؤولا عن تجربة لفديك سنة 1962، فلم ينجح في ممارسة العمل الحزبي، فعينه الملك الراحل مستشارا له وكان بمثابة الصدر الأعظم. هذا ينطبق على فؤاد عالي الهمة، الذي خرج لتأسيس "الأصالة والمعاصرة" ولما أخفق في مشروعه الحزبي عين، كما كديرة، مستشارا، ليكون الصدر الأعظم للملك الحالي.
هناك قراءة أخرى وهي أن البلاط الملكي بعد رحيل الملك الراحل الحسن الثاني ترك مستشارين قويين مزيان بلفقيه ومحمد المعتصم. لا يجب أن ننسى أن لكل ملك صدر أعظم، في السابق كان هذا الصدر الأعظم إما وزيرا أو مستشارا للسلطان، وبعد رحيل الصدر الأعظم مزيان بلفقيه الذي كان يشرف على الشاذة والفادة، أصبح المعتصم من يقوم بهذا الدور. يبدو أن هناك غضبة ملكية اتجاه المعتصم تفسر التعيينات الأخيرة لعدد من المستشارين من ضمنهم الهمة.
ما هي أسباب هذه الغضبة؟ المعتصم كان وراء الهندسة الراهنية للساحة السياسية بالمغرب، ربما كان وراء إقناع الملك بالأسلوب الواجب اتباعه في التعامل مع الربيع العربي، خاصة في الالتفاف وراء مطالب حركة 20 فبراير. فكانت الانتخابات التي أعقبت الدستور الجديد. لكن كل هذا لم يطفئ شعلة حركة 20 فبراير، الأمر الذي جعله ينفتح على مستشارين جدد، بدأ بتعيين عبد اللطيف المنوني ثم مصطفى الساهل فياسر الزناكي، قيادي من حزب "الأحرار" ثم الهمة مؤسس "البام".
كما يمكن قراءتها على أنها تعيينات قبلية لمواجهة الحكومة التي لم تتشكل بعد من طرف بنكيران. فإغناء البلاط الملكي بمستشارين لهم انتماءات حزبية قد يفسر أنه ضد حزب العدالة والتنمية.
كيف؟ الظاهر أن النظام يزرع ألغاما في طريق الحكومة المقبلة التي سيقودها عبد الإله بنكيران.
ما هي المؤشرات على هذا التفسير؟ تعيين الملك للسفراء، إنه أول انتهاك للدستور، فالنص الدستوري في مادته 49 يقول أن هذا يكون باقتراح من رئيس الحكومة بعد عرض أسماء السفراء على مجلس وزاري، فلا رئيس الحكومة الحالي حضر التعيين ولا الملك انتظر تعيين الحكومة الحالية كي تقوم بما خوله لها الدستور. إن الملك الذي وضع الدستور هو أول من انتهكه.
وهذا يعطي شرعية أكبر لحركة 20 فبراير.
هل تعتقد أن "البام" قد انتهى مع تعيين الهمة مستشارا في الديوان الملكي؟ لقد فشل الهمة في كل مهماته، وتعيينه مستشارا جاء ضد رغبة الشارع المغربي الذي رفع شعار "الهمة ديكاج"، وعوض ذلك تمت ترقيته، لأنه صديق الملك. تعيين يعزز الأطروحة التي تقول إن الهمة وراء كل ما شهده المغرب منذ اعتلاء الملك على الصعيد السياسي. إنه مثل تعلب زفزاف الذي يظهر ويختفي.