[email protected] لم تمر وفاة العشرينية “ص.أن” في الجمعة السوداء الموافقة لتاريخ 19 يوليوز بالعيون كالعادة مرور الكرام على جبهة البوليساريو، إذ لم تنتظر كثيرا لتمتطي صهوة ملفها مُتجردة من الوازع الأخلاقي بحثا عن تحقيق مآرب سياسية تُمكنها من التقدم في معركة مجالة حقوق الإنسان لملف الصحراء. فصول “المطية السياسية” الجديدة كانت ضحيتها الشابة في عقده الثاني، فماهي إلا ساعة واحدة بعد حادثة السير التي تعرضت لها على مستوى محج محمد السادس (شارع السمارة) حتى إنبرى نشطاء موالون لجبهة البوليساريو لتصدير أطروحة “شهيدة القضية” و”إرتقاء العشرينية في معركة النضال”، حيث عمموا نداءات وفيديوهات نقلت جانبا من الحقيقة دون آخر سعيا لتهييج الرأي العام والعبث بمشاعره، فكان ذلك مفصليا في تمطيط المواجهات وتمدد الصدامات أكثر مما كان متوقعا والرفع من منسوب شراستها مادام الأمر يتعلق بفتاة توفيت بفِعل فاعل حسبهم. وحتى نكون واقعيين أكثر فإن فصول وفاة الوفاة كانت معروفة للجميع، حيث صدمت سيارة تابعة للقوات المساعدة الفتاة بشكل فجائي قرب مدرسة المرابطين بمحج محمد السادس، لدى محاولتها إجتياز الطريق ما أدى إلى إصابتها مبدئيا وسط تجمهر بعض من المارة، وكذا وفاتها فيما بعد بمستشفى الحسن بن المهدي، أي أن الرأي العام المحلي كان أمام واقعة حادثة سير واضحة المعالم يُعززها شريط فيديو يظهر خلو منطقة حادثة السير من أي صدامات أثناء الحادثة، ما ينفي أطروحة البوليساريو ذات البعد السياسي حول وفاتها، بل والأكثر من ذلك أن سيارات القوات المساعدة كانت متوجهة مباشرة نحو موقع الصدامات بنقطة أبعد من حادثة السير بحوالي 600 متر على الأقل، ليعمل موالون لها على بث الفيديو دغدغةً لمشاعر الأوساط المحلية. “ص.أن” العشرينية من مواليد 1995 شابة مُفعمة بالحيوية بشوشة ذات ابتسامة مشرقة إختارت أن تسلك دربا مغايرا لشابات العيون عندما أتقنت اللغة الإنجليزية وتأثرت بالثقافة الأنجلوسكسونية، وإنطلقت من الصفر تواجه مطبات الحياة بشراسة دون هوادة، وهَبَت جزءا من حياتها في سبيل تدريس اللغة الإنجليزية للمبتدئين، قبل أن تخطفها الموت على حين غِرة تاركة خلفها أصدقاء وجيران وعائلة مكلومة حاربت إلى جانبها في معركة الحياة وإصطفت في حرب أخرى بعد مماتها، حرب إستعمل فيها الآخر كل شيء وإستباح فيها روحا بريئة محبوبة من لدن من عاشرها. جبهة البوليساريو بنشطاءها ذوي التكوين الصيفي تداولو فيديو أظهر جزءا من الواقعة مرفوقا بصراخ فتاة كان إنسانيا متوقع من جنس لطيف، بيد أن الرد كان قاسيا بعد ساعات قليلة من أخ “ص.أن”، حيث إلتقطت “كود” الإشارة الأولى منه بعد تعليق “فيسبوكي” على أحد النشطاء الموالين لجبهة البوليساريو، والذي ربط حادثة السير تلك بالصدامات ووفاة الشابة نتيجة لها، حيث هبّ الأخ الأكبر موضحا في تعليقين على منشوره بكون “ص.أن” كانت تهم باجتياز الشارع بعد حصة درس قدمته أمام تلاميذها -أنظر الصورة- ، إجابة الأخ كانت واضحة وصريحة بشكل فنّد أقاويل نشطاء البوليساريو ودحض أطروحتهم، قبل ان تربط “كود” إتصالا من مقرب من شقيق صباح والذي أعاد تأكيد نفي العلاقة السياسية في وفاة العشرينية، مشددا على أن العائلة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لمتابعة سائق السيارة المتسببة في الحادثة المؤلمة. على الرغم من الإجابة الصريحة الواضحة ونفي شقيق المتوفية لأطروحة الآخر ذات البعد السياسي الصِّرف، فإن جبهة البوليساريو إستمرت إلى حدود اليوم في ترويج “ويل للمصلين”، إذ أطلقت العنان لرسائل موجهة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو كَوتيريس، ومجلس الأمن والإتحاد الأوروبي، بل وتجاوزت ذلك لتأليب أحزاب سياسية أوروبية بغرض واضح يروم التأثير في مواقف المنتظم الدولي حقوقيا وإنسانيا لتحقيق مكتسب على مستوى نزاع الصحراء وخاصة ملف الثروات الطبيعية، مادامت قد إستعملت فيما سبق ملف حقوق الإنسان للتشويش على إلتزام المغرب والأوروبيين فيما يخص البروتوكولات التجارية. أكثر من ذلك آثرت جبهة البوليساريو التجرد من الوازع الإنساني بإقحام إسم “صباح” الثلاثي لترويج أطروحتها السياسية، حيث أطلقت إسمها على أشغال الجامعة الصيفية ببومرداس، وهي الجامعة الصيفية التي إنطلقت منها فصول التدبير الإعلامي والحرب على مستوى منصات التواصل الإجتماعي فيما يخص وقائع من قبيل واقعة “صباح”، حيث تعكف على تكوين إعلاميين ونشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي وإستعمالهم كشرارات للصدامات الميدانية وغزو فيسبوك وتويتر، الشيء الذي إتضح جليا بعد إندساس العديد منهم في احتفالات الجمعة السوداء وتحويرها لصدامات إستُعملت فيها أعلام البوليساريو كشكل من أشكال الإستفزاز. ملف صباح المشرقة المحبة للحياة كان غيضا من فيض، وكان تجربة من تجارب كثيرة مرت في الصحراء استُبيح فيها الإنسان وإستُعمل فيها مطية للفوز بخطوة إلى الأمام ضمن سباق تُجهل نهايته، بيد أن موقف العائلة كان صاعقا للآخر من خلال نفي البعد السياسي للقضية وإلتزام العائلة بإتخاذ مسار قانوني إستُهل ببحث في القضية من طرف النيابة العامة المختصة لإستجلاء الحقيقة.