تعيش حركة التوحيد والإصلاح مرحلة دقيقة من عمرها الدعوي والسياسي، فيه التنظيم الأم الذي انبثق فيه حزب العدالة والتنمية الأكثر شعبية في المغرب، حيث عقدت نهاية الأسبوع الماضي مؤتمرها السادس في بداية انتهى بتحيين أوراقها التأسيسية (الميثاق)، وتقييم طبيعة العلاقة بين الدعوي والسياسي، فضلا عن تحديد أولويات المرحلة القادمة. “كود” من خلال هذا الملف الأسبوعي، نحاول فهم خيوط التحول الفكري والسياسي لهذه الحركة التي انبثقت في نهاية الثمانينات من تنظيم “الشبيبة الإسلامية” ذي المرجعية السلفية “العنيفة”. بالنسبة لهذه الحركة التي اختارت شعار “الإسلام هو الهدى” على عكس الإخوان المسلمين في مصر الذين تبنوا فكرة “الإسلام هو الحل” إلا أن كل الطرق تؤدي إلى مكة، كما يقال سواء كان هدى أو حل، فإن المنهج الاسلامي قائم على التراث الديني وتمجيد الماضي، ناهيك عن محاولات إصلاح الدولة انطلاقا من المرجعية الإسلامية ولكن أية مرجعية؟ عبد الرحيم شيخي، مهندس المعلوميات الذي شغل منصب مستشار لدى رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، استطاع أن يظفر بقيادة حركة التوحيد والإصلاح، الشريك الاستراتيجي لحزب العدالة والتنمية، لولاية ثانية، متفوقا بذلك على أسماء بارزة، على رأسها أحمد الريسوني، وعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق. فوز شيخي، الذي حظي بدعم كبير من قيادات الحركة الإسلامية في مؤتمرها، قطع الطريق على بنكيران للعودة إلى الواجهة عبر بوابة الحركة، ما اعتبره متتبعون ضربة موجعة للأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية. شيخي ل”كود”: لا نتبنى الخطاب الديني الرسمي رئيس حركة التوحيد والإصلاح، قال في اتصال مع “كود” إن الحركة لا تتبنى الخطاب الرسمي للدولة، مضيفا :”نحن اليوم في اطار مغربة الاصالة المغربية ونتماهى مع الخيارات الشعبية والتي كانت اختيارات العلماء سابقا”. وأكد شيخي أن تصور الحركة الاسلامية في الاصلاح الديني، ليس ردا على تصور وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية، لكن “لا نريد أن نجمد هذه الاختيارات المذهبية المغربية في قالب معين وفي صياغتها القديم” في رد ضمني على توجه وزير الأوقاف التوفيق. لكن “الاختيارات المغربية في التدين والتمذهب” المؤلف جديد تبنته حركة التوحيد والإصلاح، لأحمد الريسوني، وهو توجه جديد لهذه الحركة من خلال التبني الشامل لعقيدة الدولة وتوجهها الصوفي الاشعري، هل يعني التماهي خيار “البدششة”، نسبة إلى البودشيشية، الي تدعمه السلطة،أم محاولة لأسلفة هذا المذهب المالكي والعقيدة الاشعرية ؟. يقول مصدر قيادي في “التوحيد والاصلاح”، إن “الحركة تريد إعادة الخطاب الديني للدولة = أي التمسك بثوابت امارة المؤمنين “المذهب المالكي والعقيدة الاشعرية”،وهذا ما ذهب اليه أحمد الريسوني في كتابه. لكن مصدر آخر يفسر أن “الحركة الاسلامية فشلت في مواجهة التصوف البودشيشي داخل المجتمع الذي لا يزال يتمتع بدعم شعبي ورسمي وارادت ان اليوم الانتقال الى مرحلة احراج الدولة بنفس خطابها”. كيف ذلك اذن؟، هل ستقتحم التوحيد والاصلاح مجال التصوف في المغرب؟، يجيب مصدر مطلع داخل هذه الحركة :” نحن نؤمن بالتدرج في الاصلاح والمجال الديني نشتغل فيه لسنوات والتصوف جزء من الهوية المغربية لذلك نحن حريصون على الحفاظ عليه وتأصيله ومغربته وتجويده”. هذا الكلام يعني بطبيعة الحال أن التوجه الديني لهذه الحركة يسعى الى اقتحام الزوايا أو على الاقل “ترشيد” التدين “التصوفي”.