حل المنتخب المغربي لكرة القدم بالسودان يوم، 8 أكتوبر 1969، لإجراء المباراة الثانية من الدوري الثلاثي المندرج في إطار التصفيات النهائية لمونديال المكسيك 1970. بدأ أسود الأطلس استعداداتهم في أجواء صيفية حارة، كانت العاصمة الخرطوم ما تزال تعرفها. وفي الكواليس، كان المغاربة متخوفين من انحياز محتمل للتحكيم لصالح المنتخب المضيف. في تلك الأثناء، اتصل أحمد النتيفي، الكاتب العام للجامعة الملكية لكرة القدم، بالصحافي الحسين الحياني الذي انتدبته الإذاعة الوطنية لتغطية المباراة مباشرة. يورد الحياني، في كتابه “الرياضة المغربية، شواهد وأسرار”، إن النتيفي التحق به في الفندق الذي نزل فيه، وطلب منه مرافقته إلى الفندق حيث يقيم المنتخب المغربي، لأن المدرب الفرنسي غي كليزو يريده في “أمر هام”، وفي الطريق أسر له النتيفي أن كليزو متخوف من الحكم المصري الذي عينته الكونفدرالية الإفريقية لإدارة المباراة. ويضيف الحياني بالحرف: “مرة أخرى، حرك كليزو الأسطوانة المكرورة بأن المغرب لا يريد من الحكم إلا أن يكون عادلا ويفصل بين الفريقين من موقع حياد. ورددت على كليزو بالقول: قل هذا الكلام لغيري. قل إنكم تريدون شراء الحكم… وأضفت: كم تدفعوا لي أو للحكم؟ أجاب النتيفي: زربية مغربية و600 دولار. فقلت 700 دولار والزربية، وليكن في علمكما أن المبلغ قابل للارتفاع حسب السوق…”. وفي نفس الكتاب، يقر الحياني أنه تمكن، بالفعل، من شراء الحكم المصري، قائلا: “هذه المباراة، كحدث، نحتت في الذاكرة كأنها انتهت منذ لحظات… كنت مذيعها ولاعبها وبائعها ومبتعاها وشاريها ومشتريها. لم تخرج من قبضة الحكام الثلاثة، حيث جمعوا المعركة وسط الميدان، يقطعون الطريق على الهجومات، إما باحتساب ضربات الأخطاء، حاصلة أو مفتعلة، أو إعلان حالة شرود إذا هم الخطر”. انتهت معركة الخرطوم، “التي كان بطلها صاحبكم الحسين الحياني” كما يقول بنفسه، بالتعادل السلبي. ثم تمكن أسود الأطلس، يوم 26 أكتوبر من عام 1969، من حسم معركة الدارالبيضاء بالفوز على السودانيين بثلاثة أهداف لصفر، وبالتالي من حسم التأهل إلى مونديال المكسيك، حسابيا، قبل إجراء المباراة الأخيرة ضد نجيريا، على اعتبار كون المنتخب المغرب جمع 8 نقط من ثلاث مباريات، فيما جمع السودان 6 نقط من أربع مباريات، ونيجريا 4 نقط من ثلاث مباريات، بمعنى أن أسود الأطلس حتى لو خسروا مباراتهم الأخيرة، فإنهم سيحافظون على الرتبة الأولى.