2 - تدخل أطر الوزارة الوصية يربك عمل جامعة النتيفي قبل مكسيكو (70) تجاوز المنتخب الوطني المغربي نظيره التونسي بصعوبة في الدور قبل الأخير وفي مرحلة خاض فيها الطرفان ثلاثة لقاءات أسفرت عن التعادل في ملعب الأب جيكو بالدار البيضاء، ونفس النتيجة بملعب المنزه بتونس، وفي الفيلودروم بمدينة مارسيليا الفرنسية، حيث جرت مباراة الفصل التي انتهت بالقرعة وابتسام الحظ للمغاربة. برمج الاتحاد الإفريقي لكرة القدم دوريا ثلاثيا لمنتخبات المغرب نيجيريا والسودان في الفترة الممتدة بين 20 شتنبر وثامن فبراير من سنة 1969، وظل المغرب يصر على دخول المونديال وحضور دورة المكسيك سنة 1970، وكالعادة كثفت الجامعة جهودها بفضل رجالها يتقدمهم أحمد النتيفي بالذكاء والدهاء والتمرس في التسيير والتدبير في التباري، وكان الرجل يعرف اللاعبين جيدا مما مكنه من اختيار أفضلهم وأكثرهم استعدادا ورغبة لخوض المباريات الدولية. أنهى المنتخب الوطني الدوري الثلاثي في صدارة الترتيب بجمع أكبر رصيد من النقط والخروج بسلام في رحلته إلى نيجريا والسودان والاستفادة من استقبال منافسيه إيجابيا، وتأتى ذلك بانسجام الطاقم التقني المتكون من الفرنسي كي كليزو وعبد الله السطاتي و(القبطان) المدير الرياضي قاسم قاسمي والكاتب العام ورئيس الوفد والناخب الوطني ورجل المهمات الصعبة أحمد النتيفي، فكان التأهل إلى المكسيك بإنجاز تاريخي غير مسبوق في إفريقيا والوطن العربي، ليبقى بذلك المنتخب الوطني المغربي أول منتخب في القارة السمراء يتأهل للمونديال مرورا عبر الاقصائيات، وكان قبله منتخب مصر في دورة 1934، لكن مشاركته تمت بدعوة من الفيفا عند تخلي منتخب فلسطين آنذاك. ضمن المنتخب الوطني المغربي مقعدا في المونديال، وكان آخر من حل بالمكسيك، رغم أن تأهله حسم في شهر نونبر سنة 1969 وقرعة توزيع المنتخبات كانت في شهر دجنبر. دخلت الجامعة مدار الأخطاء بسبب تدخل الوزارة الوصية، فالوزير بدر الدين السنوسي وموظفي الوزارة، حيث تمت الاستعانة بأشخاص خارج الجامعة لحجز إقامة المنتخب الوطني، وفي آخر الأيام وقبل المونديال حجزوا فندقا في وسط مدينة ليون بالمكسيك، فندق في موقع مكتظ، به حركية وضجيج في الليل والنهار، ويقيم فيه وبالقرب منه جمهور فريقي ألمانيا والبيرو، محاط بالحانات والملاهي الليلية، مما كان يعرض لاعبي المنتخب الوطني للإزعاج والاستفزاز داخل الفندق وعند مغادرته. تعذر على المدرب الفرنسي كي كليزو استئناف المسار بسبب وعكة صحية شل إثرها نصف جسده لكثرة الضغط والتفاعل مع المباريات، ولتعويض المدرب كليزو هرول بعض موظفي الوزارة الى الاستفادة من الوضع، حيث استطاعوا إقناع الجامعة بالتعاقد مع المدرب اليوغوسلافي «فيدينيك» الذي كانت لهم به علاقة، ويعرفون جيدا مطعمه وفندقه بفرنسا. انطلقت رحلة المنتخب الوطني في اتجاه المكسيك في رابع عشر ماي 1970، وقد اعتمد المتحكمون في أموره على 19 لاعبا بدل 22، وكان بذلك منتخبنا الوطني الوحيد الذي سافر بهذا العدد المبتور، نزولا عند رغبة أصحاب القرار الذين أسقطوا بغربالهم ثلاثة لاعبين وتعويضهم بثلاثة من موظفي الوزارة الوصية لكي يستفيدوا من رحلة العمر إلى المكسيك... وحتى المدرب عبد الله السطاتي الذي أشرف رفقة زميله كليزو على تحضير الفريق وتأهيله تم الاستغناء عنه، وقد انتبه إلى غيابه جلالة الملك الراحل الحسن الثاني وسأل عنه عند استقباله للمنتخب الوطني، وأمر بأن يسافر إلى المكسيك، فأثناء الاستقبال سأل المغفور له الحسن الثاني حارس المرمى علال بنقصو «...أين عبدو؟...» فأجابه علال بأنه مبعد؟... وحتى في المكسيك لم يسمح موظفو الوزارة للمدرب السطاتي ولا حتى للكاتب العام الاقتراب من المنتخب الوطني بين شوطي المباراة الأولى أمام ألمانيا؟ فهناك في المكسيك شهدت البعثة المغربية صراعات طاحنة وخلافات حول صفقة المتاع الرياضي التي أشرف عليها أحمد النتيفي مع ممثلي الشركة الراعية نيابة عن الجامعة في محطة باريس وهو في الطريق إلى المكسيك، وأقلقت العملية موظفي الوزارة، كما عاش الوفد صدامات بين طرفي الوزارة والجامعة حول التسيير والتدبير؟ ويتضح أن ما عاشه المنتخب الوطني في مساره لم يكن جديدا والتغييرات التي تطرأ على الطاقم التقني انطلقت منذ دورة المكسيك 1970، وتدبير مؤسسة المنتخب الوطني كان ولازال معقدا بسبب كثرة المتدخلين، والمؤكد أن كثرة الملاحين تغرق السفينة. (يتبع)