«عملة نقدية» تؤهل المغرب على حساب تونس لدورة مكسيكو 1970 تغيب كرة القدم الوطنية عن نسخة أخرى من منافسات كأس العالم، بعدما عجز المنتخب الوطني في ضمان مقعد ضمن المتنافسين للظهور بهذه التظاهرة الكونية، لكونها مثقلة النتائج السلبية على المستويين القاري والدولي. فرغم الغياب منذ سنة 1998 عندما شارك المنتخب الوطني في دورة فرنسا وخرج من الدور الأول مرغما بسيناريو محبوك بطلاه منتخبا البرازيل والنرويج، في دورة شهدت قيادة الحكم المغربي الراحل سعيد بلقولة للمباراة النهائية مسجلا الحدث باعتباره أول حكم مغربي عربي وإفريقي تسند له قيادة مباراة نهاية المونديال، يبقى المنتخب المغربي رائدا في الوطن العربي لكونه الوحيد الذي شارك في نهائيات المونديال أربع مرات 1970 و1986 و1994 و1994. وللفريق الوطني بهذه المناسبة ذكريات وأحداث ينبغي قراءتها جيدا، ولهذا سنعود إلى المشاركة المغربية في دورة 1970، حيث يعتبر المنتخب المغربي أول بلد إفريقي يشارك مرورا عبر الاقصائيات، وليس مصر كما يروج لأنها شاركت سنة 1934 بسبب تخلي منتخب فلسطين، فكيف تمت المشاركة في مونديال المكسيك سنة 1970؟ لم يكن مسار المنتخب الوطني سهلا للتأهل، فبعد تجاوز منتخب السنغال في محطة تخللتها ثلاثة مباريات وجد المنتخب نفسه أمام تونس في الدور قبل الأخير، وديربي مغاربي قوي ومثير، حيث تعادلا في مباراتي الذهاب والإياب بنفس النتيجة (21)، مما فرض على الاتحاد الإفريقي لكرة القدم برمجة لقاء ثالث وفاصل بملعب «فيلودروم» بمرسيليا. واقترح مسؤولو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تاريخين للموعد 15 و18 يونيو، وعنادا قدم التونسيون تاريخين مغايرين للإزعاج، لكن الاتحاد الإفريقي حدد يوم الجمعة 13 يونيو 1969 موعد للمباراة الحاسمة والفاصلة بفرنسا، وتم تعيين الحكم الفرنسي كينا بدجان أحد أبرز الحكام في أوروبا آنذاك. وكان يغيب عن المنتخب الوطني المغربي اللاعبان الرسميان محمد الفلالي وعلال بنقصو بسبب الإصابة واللاعب إدريس باموس نتيجة الإرهاق، في وقت كثف المسؤولون بالجامعة التحضير تحت إشراف الكاتب العام المقتدر والذكي أحمد النتيفي والمدربين الفرنسي كليزو وعبد الله السطاتي إضافة إلى الناخب الوطني قاسم القاسمي. التشكيلة كانت تضم: حميد الهزاز، عبد الله، مولاي إدريس، السليماني، بوجمعة، المعروفي، حمان، مغفور، التازي، سعيد، غفرس، وفي المقابل اختار التونسيون فريقهم ويتكون من: عتوكة، المغيربي، الدويري، حباشا، بنزرتي، توفيق، الجديدي، بلغيث، شمام، ديوا، الشايبي. وأجري اللقاء في أجواء متوترة على غرار منافسات السد، وبحضور جمهور جله من الجالية العربية في فرنسا، وتعاطف الجزائريون مع المنتخب المغربي لكون منتخب تونس أقصى فريقهم في المسار. وانتهى اللقاء في عمره الطبيعي بالتعادل (2-2) سجل لمنتخب تونس الشايبي في الدقيقة الثانية وسجل مولاي إدريس هدف التعادل في الدقيقة 23، وأضاف حمان الهدف الثاني موقعا التفوق في الدقيقة 60، ولم يدرك التونسيون التعادل إلا في آخر أنفاس المباراة، بعدما حاول المدافع بوجمعة مراوغة مهاجم تونسي فأخذ منه هذا الأخير الكرة وأودعها في مرمى الهزاز. وتنفيذا لقانون المسابقات آنذاك لم يحتكم الطرفان للشوطين الإضافيين بل انتقلا مباشرة إلى القرعة، حيث اعتمد الحكم الفرنسي قطعة حديدية وطلب اختيار عميدي الفريقين حبشا (تونس) وحمان (المغرب) وقام بالعملية أمامهما في حضور مسؤولين عن الفريقين ضمنهم أحمد النتيفي، ولما سقطت القطعة أرضا وضع الحكم قدمه عليها، وتناولها محروسا من طرف الدرك الفرنسي. وأمام هتاف وأفراح عناصر منتخب تونس الذين اتفقوا على ذلك عند إجراء القرعة لإثارة حماس الجمهور التونسي والضغط على الحكم، لكن الحكم الفرنسي كان هادئا، حمل القطعة والتحق بمستودع الملابس وبقي اللاعبون ومؤطروه ينتظرون ثم خرج معلنا فوز المغرب، ما خلف تأثيرا سلبيا على صحة المدرب الفرنسي كليزو الذي سقط مغشيا. وبعد عقبة تونس كان على المنتخب الوطني المغربي مواجهة منتخبي نيجيريا والسودان في دوري ثلاثي تقام مبارياته بنظام الذهاب والإياب، مما فرض على أحمد النتيفي ومن معه التهيؤ لمسار آخر لكسب الرهان ومواجهة المسالك الوعرة لضمان مقعد في مونديال المكسيك 1970.