في خطاب افتتاح الدورة التشريعية أقرّ عاهل البلاد مرة أخرى بفشل النموذج التنموي المغربي، ولكن الخطابَ لم يفسح المجال لتوضيح أسباب الفشل ولا معايير التقييم التي أدت إلى هذه النتيجة، ولا الأشخاص أو المؤسسات الذين يتحملون المسؤولية في هذا الفشل. الأمر يدعو للاستغراب ! فالخطاب نفسُه يقول أن النموذج التنموي يحضى بتقديرٍ دولي، أما الحكومة وأحزابها فلا تعترف بمسؤوليتها في هذا الفشل بل تُقدّم باستمرار معالم النجاح في المشاريع الحكومية. وأحزاب المعارضة لا تنتقد في النموذج التنموي إلا الجزء الذي تُشرف عليه الحكومة. تلك حدود المعارضة ومن تعدّاها فقد ظلم نفسه. أما بالنسبة لعامة الشعب فالاعتراف الملكي بفشل النموذج التنموي ليس إلا تحصيلَ حاصل، ولا شئ يشغل الرأي العام إلا تحديد المسؤولين عن الفشل وتقديمهم للمحاسبة. لعل ما جاء في الخطاب الملكي من أنّ هناك تضخما في تشخيص الأوضاع، يبدو صحيحا بالنسبة لبعض المجالات، ولكن مجال اللغة والثقافة الأمازيغيتين لا ينطبق عليه هذا القول. فكيف تم تقييم دور الهوية واللغة والثقافة في نجاح أو فشل النموذج التنموي؟ وكيف تم تشخيص واقع اللغة الأمازيغية بالمغرب؟ وما هي تأثيراتها السلبية والإيجابية على تماسك المشروع التنموي الوطني؟ ترسيم الأمازيغية قرار سياسي، ولا وجود لقرار سياسي دون تكاليف اقتصادية واجتماعية، فصياغة سياسة لغوية في دولة اختارت التعدد اللغوي على المستوى الرسمي هي مسألة يجب أن تكون لها الأولوية مثلها مثل القضايا الوطنية الكبرى، إنْ على مستوى التشخيص أو التخطيط أو التنفيذ أو التمويل. خاصة أن الأمر يتعلق بلغة رسمية !! لقد اعتبرت الطبقة السياسية دسترة الأمازيغية تسوية سياسية ظرفية وغير مُكلِفة، وتفنّن المسؤولون المغاربة في تفادي الخوض في مستقبل ترسيم الأمازيغية منذ 2011. إلى أن توافقوا حول مشروع قانون تنظيمي لتفعيل طابعها الرسمي، لا يزيد الأمازيغية إلا تهميشا. واسترسلت الحكومة في اتخاذ قرارات وإجراءات تتناقض في شكلها ومضمونها مع روح الوثيقة الدستورية وتمس بانسجام السياسات العمومية وتهدّد الوحدة الوطنية. تْلكُم هي العناصر الأساسية لتشخيص وضعية الأمازيغية في المغرب. فهل تشكل سياسات الدولة تجاه الأمازيغية جانبا من جوانب الفشل في النموذج التنموي المغربي؟