يشك الرجل المغربي في المرأة. ويشك في سيارتها. ويسأل من أين لها هذه السيارة. ومن اشتراها لها. ويعتبرها انتزعتها منه. يعتبرها له. وقد أخذتها منه. وكلما مرت امرأة من أمامه بسيارتها يتبعها بعينيه. ويتهمها في أخلاقها. فمن أين لها هذه السيارة. ومن منحها لها. وما هو الثمن. وما هو المقابل الذي دفعته. ويخترق بعينيه زجاج النافذة. ويشمئز. ويشتمها. لا. لا. مستحيل. فأنا رجل. وليس لي حتى دراجة. لا. لا. هذا غير مقبول. سيارتي قديمة ومتهالكة. وهن يركبن أغلى السيارات. ويقول لصديقه: هل لا حظت كيف أنهن تكاثرن. ونحن محرومون. بينما هن يغيرن السيارات. ولا يركبن إلا آخر صيحة. هذا كثير. ولا نعرف إلى أين نسير. خاصة إذا كانت في مقتبل العمر. وخاصة إذا كانت متحررة. فالسيارة ليست لها. والتهمة معروفة. لقد اشتراها لها. كلهن. كلهن. كلهن يفعلن ذلك. يخ. يخ. ويقول سائق التاكسي: من هذا الحمار الذي يسمح لهن بأن يقدن السيارات. من هذا الغبي الذي منحهن رخصة السياقة. البلاد إلى هاوية يقول. ويوافق الراكب في المقعد الأمامي. وتتناسل الحكايات في الخلف. كل راكب له حكاية مع امرأة تقود سيارة. وحتى المرأة الراكبة معهم لها حكايتها ضد المرأة التي تقود السيارة وتحتج على وجودهن. ويقول آخر: يجب منعهن. ويحذر من اقتراب ذلك اليوم الذي ستحكم فيه النساء الرجال. هناك سيبة في البلاد يقول. ويضيف: ما بقيناش عارفين هاد البلاد فين غاديا. الرجل يمشي على رجليه. والمرأة في السيارة. ثم تتبعها الكلاكسونات. ويقذفونها بوابل من الشتائم. والعالم كله يطل عليها. كأنها ارتكبت جريمة. ويهددونها. ويتفلون. ويفتحون النافذة ويشيرون إليها يأيديهم. وإن توقفت فهي مخطئة. وإن أسرعت. وإن أبطأت. تلاحقها اللعنات. وإن احترمت إشارة المرور. وهناك شبه إجماع على أن الطريق ملك للرجل. والأكثر اعتدالا وتسامحا يفسر الظاهرة بسهولة الحصول على القروض البنكية. حتى صرن يشترين السيارات بكثرة. ويعرقلن حركة السير. ويقول: بمجرد حصولها على عمل. ومنذ الشهر الأول تشتريها. وبسببهن هذه الزحمة. وبسببهن هذه الحوادث. وبسببهن أصبحت الطريق لا تطاق. وفي كل كيلومتر. وفي كل وقوف. وفي كل منعرج. هناك رجل مستعد لأن يذكر المرأة في سيارتها بأن مكانها هو الرصيف. مكانها هو البيت. مكانها خارج السيارة. وأينما ذهبت تزمر الكلاكسونات في أذنها. وفي أي طريق تسمع الشتائم. وهي هاربة من المغاربة. وهي مرعوبة منهم. والكل يبذل مجهودا كي يوصل إليها الرسالة. وأنها لا تتقن السياقة. ولا يمكنها يوما أن تتعلم. والكل يرفض أن تتعلم. ولا يرضى أن تتقاسم معه الطريق. وهي خائفة من أن تفتح النافذة. بينما نظن أن المغربيات يقدن السيارات ونسخر من السعودية وعلى الأقل لهن في السعودية مال كثير ولن يشك في أخلاقهن أحد. ولن يسأل أحد من اشتراها لها. وماذا منحته كما نفعل نحن. وقد تذهب السعودية إلى المستقبل لكننا نحن ماضون بسرعة جنونية في أوتوروت يؤدي مباشرة إلى الماضي ولا نرى ذلك ولا ننتبه إلى أن يدهسنا جميعا.