ما أشبه اليوم بالأمس و كأن التاريخ يعيد نفسه،و نحن نرى الشارع تغزوه الوقفات الاحتجاجية تضامنا مع حراك الريف على غرار ما كان يقع سنوات من الآن خلال وقفات حركة 20 فبراير في جل المدن المغربية مطالبة باسقاط الفساد،الحرية،الكرامة و العدالة الاجتماعية. المهم في الأمر ليس عودة الاحتجاجات للشارع،لأنه شيئ عادي حتى في الدول الديمقراطية المتقدمة،لكن المهم في كل هذا هو عودة الجيش غير النظامي للدولة "البلطجية" للميادين لصد هاته الاحتجاجات عوض أن تقوم بذلك القوات الأمنية الرسمية للدولة . فمن هم البلطجية ؟و أي جهة يخدمون ؟ البلطجة هي لفظة دارجة يعود أصلها إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين : "بلطة" و"چي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف أداة للقطع والذبح. ففي الدولة العثمانية، كان البلطجي Baltacı أحد أصناف العمال في القصر السلطاني حيث أن وظيفتهم في البداية كانت تنظيف الطريق من الأشجار عند خروج السلطان للغزو ثم فيما بعد اشتغلوا في القصر بمختلف المهن الاخرى ،إلى أن تحولوا لجيش احتياطي للسلطان. أما في البلدان العربية،فعرف استعمال البلطجية أول مرة خلال الثورة المصرية على نظام مبارك حيث قام أمن الدولة باستعمال أناس لهم ماضي إجرامي و ظروف اجتماعية صعبة لنسف التجمهرات المطالبة بإسقاط النظام . أما في المغرب،فالبلطجية أو العياشة هم كذلك في غالبية الأحيان أشخاص ذوي سوابق عدلية و يعيشون في فقر مزري تستعملهم الدولة إما تحت طائلة التهديد بالسجن او بالمكافأة بمبالغ مالية بسيطة قصد أن يقوموا بفض الوقفات الاحتجاجية و قمعها حاملين الاعلام الوطنية و صور الملك. و يتجلى استعمال الدولة للبلطجية في كونها تريد أن تتهرب من تحمل مسؤولية الانتهاكات القانونية التي ترافق عمليات تفريق المحتجين خصوصا في ظل التغطية و الضغط الإعلامي الذي أصبح يلازم كل الوقفات الاحتجاجية بالمغرب . فهنيئا لدولتنا بجيشها الإحتياطي الذي سيتولى الدفاع عنها بشراسة في حالة الهجوم عليها.