يربط الكثيرون في يومنا هذا بين لفظ "البلطجي" بمجموعة من الصفات السيئة ،حيث يعتقدون أن هذا المسمى درب من دروب مخالفة القوانين العامة والتمادي في الصفات الدنيئة ،غير أن حقيقة هذا المسمى مخالفة تماما لكل ذلك ،حيث تعد من بين أسمى المسميات التي كانت تطلق على أفراد من الجيش العثماني . في أصلها اللغوي تنقسم كلمة "البلطجي" إلى قسمين "البلطة" والتي تعني أداة حادة كانت تستخدم في تقطيع الأشجار و"جي" هي أداة تعريف في اللغة التركية . البلطة تم استخدامها في الحروب منذ القدم في العصور الوسطى ،بواسطة "المشاة" قبل اختراع البنادق والمدافع الخفيفة، وكان اسم الجندي الذي يحارب بالبلطة "بلطجي" وكان السلاح يسمّى "سلاح البلطجية" والذي تحوّل فيما بعد إلى فرع من "سلاح المشاة". وعندئذ وصف العثمانيون من يستخدم "البلطة" في العراك أو في الحرب بأنّه "بلطجي" ،و "البلطجة" كانت تطلق في العهد العثماني على فرق المشاة في الجيش ،وكانت مهمتها أن تسبق الجيوش لتمهد الطريق أمامهم وكانوا يتقدموا الجيش ليزيلوا الأشجار والحشائش التى تعرقل حركة الجيش . بعد ذلك انتقلت فرق "البلطجية" إلى مصر عام 1834 ،وأشرفت مدرسة "المهندسخانة" على تدريب هذه الفرق ،حيث كانت تدرس بها مواد الهندسة ،لكن بعد ذلك ،تم إنشاء مدرسة "للبلطجة" مستقلة بذاتها ،وكان يتخرج منها نوعين من الطلاب هم "البلطجية" و"اللغمجية" وهؤلاء كانوا يزرعون الألغام والبلطجية يمهدون الطريق لتقدم الجيش . تقلد خريجو مدرسة "البلطجة" في عهد محمد علي باشا عدة مهن من بينها ضباط للخدمة في سلاح المدفعية وضباط مهندسي الأشغال العامة والمناجم ومديرين لمصانع البارود وغيرها . في بدايات القرن التاسع عشر وبالموازاة مع افتتاح محمد علي باشا مدارس لتعليم الفتيات في مصر كانت الفتيات يتعرضن لمضايقات كثيرة في طريق ذهابهن وعودتهن من المدارس ،حيث استعان محمد علي بفرق من "البلطجية " من أجل حماية الفتيات ،فضلا عن ضبط الأمن في الشارع . بعدما كان اسم "البلطجي" رمزا للأخلاق الحميدة والتفاني في حفظ الأمن والدفاع عن الوطن أضحى اليوم هذا المسمى يرمز لسوء الأخلاق والأفعال المشينة ودلالة على الخارجين عن القانون والمرتزقة .