حوّلت العقوبات الدولية على روسيا صياد السمك فيتالي أورلوف، من مجرد بائع للأسماك إلى ملياردير مالك لأكبر الشركات القابضة في مورمانسك. وكان آخر ما قام أورلوف بتشييده مصنع في مورمانسك، الذي يعتبر من أكبر إنجازات شركته القابضة، حيث بلغت تكلفته 30 مليون دولار، وتم بناؤه بين صفوف من المساكن القديمة وكنيسة بنيت من الخشب. وقال أورلوف، الذي يبلغ من العمر 51 عامًا: "لقد كنت دائمًا متأكدًا من أمر واحد -بأن حياتي ستبقى معلّقة دائمًا بالشمال ومجال صيد السمك"، كان هذا في أول مقابلة معه أجراها إعلام أجنبي. وكان الهدف من البناء هو خدمة أسطول قوارب الأسماك في نوريبو التي استحوذت وحدها على 11% من ال4.75 مليون طن متري (5.24 مليون طن) التي قالت وكالة الاتحاد الروسي لصيادي السمك بأنه تم صيدها خلال العام الماضي. واستطاع أورلوف انطلاقًا من هذا الهدف جني ثروة بلغت على مقياس بلومبيرغ للمليارديرات 1 مليار دولار، مستفيدًا من مضاربة القوى العالمية في التجارة والعقوبات المفروضة على روسيا. وبينما يأتي 60% من عوائد أعماله من مبيعاته للخارج، إلا أنه يشهد تزايدًا في الطلب للاستهلاك المحلي، حيث إن العقوبات تضع حدودًا على الواردات الغذائية. نداء القطب الشمالي أوضح أورلوف كيف أن منشأته تشبع طموح حياته بإنشاء عمليات صيد عالمية متكاملة، حيث إن المعدات التي استوردها من أيسلندا سوف تقوم بالتعامل مع 15000 من أصل أكثر من 50000 طن متري من أسماك الدق والحدوق وغيرها من أسماك القاع التي تصطادها نوريبو. وقد أخذ أورلوف زمام التحكم بنوريبو العام الفائت، حين قام شريكه ببيع حصته من العمليات له، بينما تعرّض الشريك الآخر للسجن بسبب محاولة ابتزاز حصة لنفسه. وبلغت أرباح العمل الذي استحوذ عليه 600 مليون دولار في العام 2015 وفقاً لأورلوف، ولها إجمالي ديون يصل إلى 450 مليون دولار أصدرت لتمويل وتعزيز الملكية. ونتيجة لاستقلالية نوريبو في عمليات التصدير، فإن الشركة تحصل على معظم إيرادها من العملات الأجنبية، مقابل دفع تكاليف التشغيل بالروبل الروسي. وقال ادوارد كليموف، الذي يدير فيشنيوز، وهي مجموعة أبحاث ومنفذ إخباري في مدينة فلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا: "لديه بالتأكيد تجارة مستقرة بهوامش ربح جيدة، السمك مصدر متجدد سوف يستمر الناس في تناوله". واردات متلفة حين تحدى بوتين الغرب قبل ثلاث سنوات بسبب العقوبات التي فرضت على روسيا بعد استيلائها على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، عمل على حظر استيراد الغذاء من الدول التي وقفت ضده، وتم جمع أطنان من الطعام وعرضه أمام الناس، ثم تجريفه بالجرافات وإتلافه في استعراض عالمي للتحدي. ولم تتأذى صادرات أورلوف بسبب العقوبات، التي استثنت منتجات الطعام، بل إن إجراءات بوتين المضادة قادت إلى ارتفاع كبير في المبيعات المحلية لأسماك المكاريل، الكبلين والرنجة، التي تصطادها نوريبو. حيث قال أورلوف في شباط/فبراير 2016 في مقابلة مع صحيفة كومرسانت الروسية اليومية: "أظهر ذلك أن هناك اهتمامًا بالأسماك الروسية هنا، وفي النهاية اتضح أنها ليست أسوأ من الأسماك النرويجية، الآن هم معتادون على أسماك الرنجة التي نصطادها من المحيط الهادي". سفن الصيد في المحيطات وتخرّج أورلوف من مدرسة للهندسة البحرية في مورمانسك بدرجة ملاح، وتحدث الإنجليزية بطلاقة عام 1991، كان هذا قبل شهور من انهيار الاتحاد السوفييتي واقتصاده، ما أطلق جنون السوق الحرة على شعب غير مستعد. وترك أكثر من ثلث السكان المدينة -أكثر من 150000 شخص- بحثًا عن فرص أفضل، والعديد منهم انتقل للعيش في سانت بطرسبرغ وموسكو. في البداية غادر أورلوف أيضًا، واتجه غربًا للنرويج قبل أن يطرق عائدًا لبلاده عبر بحر البارنتس، الكتلة المائية جنوبي المحيط المتجمد الشمالي التي كان يسميها الروس مورمان. وعيّنه ماغنوس روث عام 1993، وهو ضابط بحرية سويدي سابق، للعمل لدى شركة نرويجية تبيع السمك الروسي الرخيص عبر اسكندنافيا. وبعد أربع سنوات بدأ الاثنان عملهما الخاص في النرويج، وسمي سفن الصيد في المحيطات (اوشين ترولرز)، التي كانت تؤجر السفن النرويجية للصيادين الروس الذين كانوا يعانون من قواربهم القديمة التي تعود للحقبة السوفييتية. وأدار الاثنان العمل بشكل متوازٍ، كما وضح روث في مقابلة أجريت عام 2011 مع مجلة نورسك للأسماك. حيث تولى روث إدارة المبيعات وساعد بترتيب القروض من البنوك الغربية، بينما تولى أورلوف إدارة العمليات الروسية.