ظن البعض للوهلة الأولى أن 37 هي 37. وفي مدينة الرباط اعتقد الناس أن البرد هو الثلج، وهناك من قال هذا ثلج، وهناك من كذبه وسخر منه وقال هذا تبروري. وكادت أن تنشب حرب في الفيسبوك بسبب هذه القضية. وبعد أن قال بنكيران"انتهى الكلام"، اكتشفنا أن الكلام في المغرب يبدأ للتو، وأن لا شيء ينتهي ولا شيء يبدأ. وأن المغرب دوار. دائرة نتدحرج فيها. عجلة تدور بنا، ولا نعرف الماضي من المستقبل من الحاضر، ولا الصحيح من الخطأ، ولا الوهم من الحقيقة، ولا التقدم من التأخر. ويوم أمس أصدر بنكيران بلاغا يتحدث فيه عن الفلسفة والتربية الإسلامية، وعن الحكمة التي لا تضاد الشريعة. كأنه غير معني. ويعيش ترف البلاغات ويتأمل في الشريعة وأختها الرضيعة السيدة حكمة. ولا يعنيه أبدا أمر تشكيل الحكومة، وأولوية الأوليات هو بلاغ بخصوص مقرر دراسي للتربية الإسلامية حول الفلسفة. لكن هل الثلج هو البرد، وهل البرد هو الثلج. وقد حاول عزيز الرباح أن يشرح ذلك، حين قال "إن تصويتنا في العدالة والتنمية بالورقة البيضاء جاء بعد تفكير طويل وعميق". وهو ما اعتبره حزب الاستقلال تقليلا من شأنه، وكتبت عنه جريدة العلم قائلة إن حزب بنكيران تعامل معنا بطريقة فجة. لكن هل الورقة البيضاء نوع من الثلج. هي بيضاء مثله، ومثل التبروري. لكنها ليست ثلجا. ورغم أنها بيضاء فكل شخص يراها بعينه الخاصة. والاستقلاليون يرونها طريقة فجة، والعدالة والتنمية نظروا مليا في الورقة البيضاء، ووقع اختيارهم عليها بعد تفكير طويل وعميق. كما أن 37 تظهر أنها هي 37 للوهلة الأولى. لكنك إذا تمليت فيها، ونظرت إلى عمقها، تكتشف أنها أكثر. وهي ألف وهي مليون وفي كل يوم تكبر 37 وتغطي العدالة والتنمية والمغرب والغابات مثل الثلج أو بالأحرى مثل كرة الثلج التي تكبر وتكبر وهي تتدحرج لكن الفرق بين كرة التبروري أو البرد بالفصحى وكرة الثلج هو أن كرة التبروري لا تتدحرج بل تضرب الرؤوس وتنتحر بعد ذلك في أرض الله. وتذوب في المجاري وتندلق في البالوعات ويشربها التراب وتنادي عليها السماء. وهذا ما يسمى بالميتافزيقا. وهل كيلو سميدة رقيقة هو نفسه كيلو سميدة غليظة ومن أين جاءت تلك الأقوام التي تسميها بلبولة وأين سنذهب بعد هذه الحياة والسؤال الأهم في الوقت الحالي هو: هل ما سقط في الرباط ثلج أم برد بينما لم يعد شك في أن في أن 37 ليست هي 37، بعد أن اقتنع كل الفرقاء بخيال الأرقام والأكيد أن الأرقام هي مجرد خدع بصرية والسياسة ليست منطقا ولا حسابا كما يتخيلها بنكيران وللمحاسبي كتاب جميل اسمه التوهم فتوهم يا بنكيران فكل شيء نسبي والثلج أحيانا برد والبرد بالنسبة إلى البعض ثلج وندف الثلج هي قطن بارد وكرات التبروري قد تكون حجرا يدمي الرؤوس وقد تكون غضبا من الله وقد تكون هدية للأطفال وصغيرتي تظن القرنبيط في المرق وهو الشيفلور خرفانا صغيرة تسبح في الطبق ولا ترغب أن تأكل صوفها الأبيض والحقيقة هي أن لا شيء هو عينه بل نحن جميعا أبناء الله وأحبابه وكنا في الأصل شيئا واحدا لكن كيف تقنع الفيسبوكيين بذلك وكيف سيستمع إليك أهل الرباط وكيف سيقتنع بنكيران أن 37 ليست هي 37 صعب صعب جدا أن تكون مغربيا.