أخجل من نفسي كوني مغربيا. ولا شك أننا جميعا نشعر بالعار. لا شك أننا كمغاربة جميعا نخجل الآن من أنفسنا ونشعر بالعار. الآن. الآن. أخجل من نفسي. وفي بلدي يموت مواطن مفروما. يموت أخ لي. وأخ لكم مفروما. يموت مغربي مفروما في حاوية أزبال. مفروما يموت مع سمكه. يموت مغربي بهذه الطريقة. يموت محتقرا. يموت مظلوما. ويموت مفروما زيادة. ما حدث يفوق الاستبداد. ما حدث يفوق الجريمة. ما حدث يفوق كل ما نتوقعه من شر. ما حدث هو الرعب الذي لا يمكن أن نتخيله. لا نتخيل مواطنا يموت بهذه الطريقة في أي مكان. وفي أي زمن. قبل التاريخ. وبعده. لا نتخيل إنسانا يموت هكذا مفروما ومظلوما. لكنه مات بهذه الطريقة. مات مفروما وفي المغرب. مات مفروما في مدينة الحسيمة. لكنه مات مفروما. ومصورا وهو يفرم. ولا يمكن لأحد أن يتخيل هذا. لكنه حدث. ويقال إن دولة هنا في المغرب. وهنا حكومة. وهنا سلطة. وهنا في المغرب يوجد شعب. وتوجد أحزاب. وهل يمكن أن ترى الدولة صورة المغربي المفروم ولا تشعر بالخجل. ولا تشعر بالعار من أنها دولة يفرم فيها مغربي وتلتقط له صورة. وهل السلطة هي أيضا لا تشعر بالعار. وهي ترمي سمك المواطن المفروم في شاحنة الأزبال. وبعد ذلك تتفرج عليه وهو يطحن. وكم سنشعر جميعا بالعار مادامت هذه الصورة موجودة. هذه الصورة. صورة المغربي المفروم. وسط سمكه. وسط الأزبال. أمام أعين المواطنين. أمام أعين رجال السلطة الذين أتلفوا سلعته. هذه الصورة الفظيعة هي إدانة لنا جميعا. هي تحقير لنا. وهي إدانة للسلطة ولرجالها هي إدانة للمغرب. وغدا سوف يتداولها العالم. غدا في كل العالم سيرون المغربي المفروم. وكم هي هذه الصورة مرعبة كم هي مسيئة لكرامتنا ولإنسانيتنا كمغاربة. كم هي مسيئة للبشرية في كل مكان. ومن شدة رعبها لا يمكن لأحد أن يتخيل أنها واقعية. وأنها حدثت. وفي مدينة الحسيمة. وفي بلد اسمه المغرب. و لا يمكن لأحد أن يصدقها. ومن هولها ورعبها لا يمكن لأحد أن يصدق أن ما وقع قد وقع. وأن الذين أتلفوا سمك المغربي المفروم.مطبقين القانون. وهم وجال سلطة. لم يطبقوا القانون. ولم يمنعوه من أن يلقي بنفسه في حاوية الأزبال. تركوه يفرم ويطحن ولم يتدخلوا إذا افترضنا حسن النية. وأحاول أن أجد اسما لما وقع. وأحاول أن أقول إنه استبداد. أحاول أن أسميه ظلما. أحاول أن أقول هذا طغيان. أحاول أن أقول هذا هو الجحيم. بينما هو أكثر. أكثر بكثير. أكثر من الاستبداد. أكثر من البربرية. أكثر من الوحشية. أكثر من الموت. أكثر من التعذيب. أكثر من القتل. بل أكثر من كل شيء. مواطن يفرم أمام أعين رجال السلطة. وأمام المواطنين. ما حدث لا يمكن أن نجد له اسما. اسمه لم يخلق بعد. هذا الرعب لا اسم له. ولم يحدث بعد. لا أحد يتخيل أنه يمكن أن يحدث. إنه خيال الشر والرعب وقد تحقق. وبالصورة بصورته وهو يرمي بنفسه في شاحنة الأزبال دفاعا عن سمكه وعن قوت أسرته وبصورته وهو يفرم وبصورته وهم يستخرجونه مفروما. والذين أتلفوا سمكه. والذين طبقوا القانون. يتفرجون. وأي تحقيق سيقومون به أي قانون سيطبق بينما الصورة موجودة أي دولة هذه ترى مثل هذه الصورة ولا تحرك فيها ساكنا ولا تخاف ولا تشعر بالعار ولا تشعر أنها مهددة بسلطتها المريضة التي تتلذذ بكل هذا الرعب بكل هذا الذي لا اسم له هذا الوحش الذي لا اسم له وحش السلطة الذي لم نتخيله يوما وكيف ستنام الدولة كي ستنام السلطة وكيف سننام وهذه الصورة موجودة صورة مغربي يفرم في طاحونة أزبال صورة مغربي يفرم مع سمك وسوف ستظل هذه الصورة تلاحقنا جميعا سوف تظل هذه الصورة موجودة إلى الأبد سوف تظل إدانة للسلطة وإدانة للقانون سوف تظل هذه الصورة تشير إلى المغربي المفروم هذا الأخ هذا المواطن هذا الذي يشبهنا وقد طحنوه فكيف ننام كيف نأكل الطعام كيف نشرب كيف نذهب إلى العمل كيف نقرأ الكتب والجرائد كيف نتفرج كيف نحيا. كيف نموت كيف نضحك. كيف نبكي كيف نتحدث إلى بعضنا البعض كيف نستيقظ غدا وهذه الصورة موجودة وأحاول أن أعثر على اسم لما حدث وأخجل من نفسي وأغمض عيني لكن الصورة تلاحقني وسوف تظل تلاحقنا جميعا سوف تظل تتبعنا هذه الصورة إلى الأبد.