كتبت الصحيفة الأمريكية المرموقة «هافينغتون بوست» أن «جولة الملك محمد السادس في إفريقيا تحمل وعودا كبيرة بالنسبة لقارة تريد الإيمان بإمكاناتها، وتريد الارتكاز على التعاون جنوب جنوب الذي يعتمد على قوة المملكة المغربية في المجالات الروحية والاقتصادية والإنسانية وفي عمليات حفظ السلام». هذا النهج متعدد الأبعاد، تضيف الصحفية، المدفوع بإرادة ملكية، هو فرصة ثمينة للحلفاء الغربيين للمغرب لتعزيز التزامهم في القارة من خلال التعاون الثلاثي.
وكتب أحمد الشرعي، ناشر وعضو بمجلس إدارة العديد من مجموعات التفكير الأمريكية، أن هذه الدينامية سينتج عنها دعم فعال لانتشار نموذج الإسلام المعتدل ومنفتح على القارات، مع هدف أساسي هو إنقاذ المنطقة من التطرف الديني الذي يهدد منطقة الصحراء والساحل. ويضيف كاتب المقال: «نتذكر احتلال شمال مالي سنة 2012 من قبل الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة، وهو ما يظهر نية هذه المجموعات في إغراق المنطقة في الفوضى والفتنة».
ونوهت "هافينغتون بوست"، في هذا الصدد، بالطابع الحكيم والاستراتيجي للمبادرة المغربية لتدريب ما يقرب من 500 الأئمة في مالي وتونس وغينيا وليبيا وكوت ديفوار، من أجل تجفيف منابع التطرف الإيديولوجي الديني. وتشير الصحيفة في سياق آخر، أنه خلال الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى مالي، والتي هي الثانية في أقل من ستة أشهر، تم توقيع خلالها على ما لا يقل عن 17 اتفاقيات التعاون الثنائية، وهي إشارة للالتزام الثابت والقوي للنهوض بالتنمية الشاملة في القارة، وهو ما يظهر جليا في خطاب الملك التاريخي الذي ألقاه في أبيدجان، الذي شدد خلاله الملك على أنه "إذا كان القرن الماضي لاستقلال الدول الإفريقية، فينبغي على القرن 21 أن يكون لانتصار الشعوب على ويلات التخلف والفقر والاستبعاد". وأضاف الملك: «إفريقيا يجب ألا تبقى رهينة للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، بل يجب أن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وعزيمة، وذلك باستخدام كل قوتها وإمكاناتها».
وفي كوناكري، حيث تم توقيع على 21 اتفاقيات تعاون بين المغرب وغينيا، يوم أمس الاثنين (3 مارس)، برئاسة الملك محمد السادس والرئيس الغيني، ألفا كوندي، تم تغيير إسم قصر الأمم في كوناكري إلى قصر الملك محمد الخامس، وهو ما يسلط الضوء، حسب الصحيفة، على العلاقات التاريخية بين المملكة وغينيا. وبهذه المناسبة قال الرئيس الغيني بحضور الملك وعدة شخصيات: «لقد أعطينا للقصر إسم شخصية بارزة لعبة دورا رئيسيا في تحرير وتوحيد إفريقيا لهذا، وأتكلم هنا عن الملك محمد الخامس».
ولاحظت «هافينغتون بوست» أن هذه المبادرة تعطي إشارة قوية للنجاح الفوري لجولة الملك محمد السادس في إفريقيا، هذه الخطوة الملكي هي دلالة واضحة، لا لبس فيها، لنهج التنمية التي ينادي بها الملك محمد السادس، والتي يتردد صداها وفي قلوب شعوب المنطقة.
وتخلص الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه الدينامية لها دلالات كبيرة وعميقة على الحلفاء الغربيين للمغرب.