سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النفايات سامة ولو طارت معزة! هل يجرؤ الشعب المغربي اليقظ على المطالبة بإقالة طارق السباعي ونبيلة منيب والآخرين بدل الوزيرة حكيمة الحيطي، بعد أن يتبين له أنهم كانوا يكذبون ويتحدثون عن موضوع يجهلونه
لا أظن أن الحل الأنسب في قضية النفايات الأيطالية هو أن تستقيل الوزيرة حكيمة الحيطي، كما تطالب بذلك الحملات الشعبية، ويطالب المحللون السياسيون، وتطالب بعض الأحزاب المعارضة، ويطالب الموقعون على العرائض. بل الحل هو أن يستقيل هذا الشعب ويستقيل غضبه وتستقيل نخبة هذا الشعب ويستقيل مجتمعه المدني والحقوقي وجمعياته وتستقيل معارضته. ولو طارت معزة، فالجميع متأكد من أن هذه النفايات سامة. ورغم التوضيحات، ورغم حديث المتخصصين، بأن العكس هو الصحيح، وأن العلم توصل إلى هذا الحل لتنظيف الطاقة واستغلالها والاقتصاد فيها، وأن بلدانا متقدمة تقوم بنفس الشيء، فلا أحد يريد أن يقتنع، ولا أحد مستعد أن يقدم دليله. والشعب عن بكرة أبيه يصرخ: المغرب ليس مزبلة. ولا أحد يريد أن يبذل مجهودا، ولا أحد يرغب في أن يفهم. ومن يفترض فيهم أنهم نخبة يدغدغون هذا الشعب، ويجارونه، ويتشبثون بالجاهلية، ويوظفونها، ويسخرون من الوزيرة بسبب شكلها. وبفضل هذه القضية اكتشفنا أن النفايات في رؤوسنا ولا حاجة لنا باستيرادها أو شرائها من الخارج. نحن شعب لنا أدمغة عبارة عن مكب قمامة، ونرفض أن نفرغها. ولو جاءتنا الوزيرة بكل علماء العالم، فلن نصدقها ورغم كل ما حدث في هذا الكون من تغيرات، ومن تقدم، فالأزبال مازالت بالنسبة إلينا مجرد أزبال. وليذهب العلم إلى الجحيم. ولن نصدق، ولن نؤمن، حتى ينزل وحي علينا، بينما الوحي لم يعد ينزل أيها المغاربة. وأنظر إلى كل المتدخلين، وإلى كل الغاضبين، وإلى كل أصحاب"المغرب ليس مزبلة"، ولا أجد واحدا يسمع ويقرأ، ويكذب ما قرأه وما سمعه بالحجة. ثم يرفعون الصوت عاليا، كي لا نسمع صوتا آخر. المغرب ليس مزبلة المغرب ليس مزبلة حتى لم يعد أحد يسمع إلا هذا الصوت، وفي المقاهي، وفي نقاشات البيوت، الكل مجمع على أن الحكومة تخطط لقتلنا، وإبادتنا جميعا، كما كتب الحقوقي طارق السباعي في رسالة قال إنه بعثها إلى الملك محمد السادس، وتحدث فيها عن إبادة جماعية"يعاقب عليها بالإعدام"، وعن "صفقة سرية مع المافيا الإيطالية" في "فندق فخم في روما". ولن ننتظر من هذا الشعب اليقظ أن ينهض ويقول لطارق السباعي يا كذاب. لن نتوقع من هذا الشعب الذي يرفض أن يتحول إلى مزبلة أن يسائل الدكتورة نبيلة منيب ويطالب باستقالة كل من أجج غضبه وكل من خدعه وكل من عبأه وكل من اعتبره مجرد قطيع يصدق أي شيء وكل من ألغى عقله، واحتقره، واستغله أبشع استغلال، وعثر له على ضحية، هي وزيرة اسمها حكيمة الحيطي. لكنه المغرب ولا أحد يحاسب الدجالين ولا أحد يحاسب دَجَل التحليل السياسي ودجل جمعيات حقوق الإنسان والبيئة ودجل الأحزاب ولا أحد يحاسب طارق السباعي هذا، الذي لو تابعنا خرجاته التي يقوم بها منذ سنوات، وتابعنا بطولاته، وحملات التضامن معه، دون أن يفعل أي شيء، وتابعنا مرضه، وشفاءه، واحتجاجه على عدم اهتمام الناس به، وبوضعه الصحي، وتحويل نفسه إلى موضوع وخبر وقضية، لغيرنا نظرتنا إلى أشياء كثيرة تقع في هذا البلد. وبعد أيام ستنتهي هذه الحملة وسوف ينتهي هذا السعار ولن يعتذر أحد ولن يقول أحد لقد ظلمت الوزيرة وقد تلزق بها هذه"الفضيحة"إلى الأبد وقد تنهي مشوارها السياسي بينما الكذابون ورافعو الصوت والدجالون لن يطالبهم أحد بالاستقالة ولن يحاكمهم أحد وسيستمرون في أداء مهمتهم المقدسة وفي تغييب عقل الشعب وفي استغلاله والضحك منه وستستمر هذه النفايات سامة ولو طارت معزة وستستمر يقظة الشعب المتحكم فيها عن بعد وسيستمر ركام الأزبال في الرؤوس وسنصل إلى مرحلة نتعود عليها على النتانة والرائحة العطنة ونظنها عطرا.