يكتسي شهر رمضان المبارك طابعا خاصا عند أهل الصحراء و منحوه شعائر خاصة ضمن عاداتهم و موروثهم الثقافي، منها ما جسد الجانب الديني للشهر، ومنها ما اختص بميادين أخرى كالمطبخ و عادات أخرى تدخل ضمن تقاليد الصحراويين تروم المحافطة على لُحمة المجتمع و القرب فيما بينه. الجانب الديني : لاشك أن شهر رمضان الأبرك يحمل دلالات كبيرة فهو شهر الغفران و الرحمة و التعبد و التقرب إلى الله، و عليه فقد جعل الصحراويون الشهر الكريم مناسبة فريدة عبر تخصيص جزء يسير من يومهم بعد قضاء الأشغال للتعبد و الصلاة ثم قراءة القرآن وصلة الرحم فيما بينهم، وإن بعدت المسافات فالوصل عندهم مبدأ لا محيد عنه، و إن كان بسؤال ضيف قادم من بعيد عن جيرانه أهل فلان و فلان. كما لا ننسى احب العادات إلى قلوبهم وهي ترديد الأمداح النبوية و تعداد مناقب رسول البرية صلى الله عليه و سلم من خلال قصائد ضمن مجموعات تضم كبار السن من الجنسين كتغذية للروح و طلبا لشفاعته يوم القيامة. المطبخ الصحراوي في رمضان : من المعروف عن أهل الصحراء انهم لا يطيلون في التحضير للشهر الكريم، بحيث يكتفون بمجموعة من المأكولات و المشروبات المعروفة، الغرض منها التغذية الصحية و تعويض ما فقده جسم الإنسان من قوة، حيث ترى مائدتهم تتزين ب –لحسا لحمر- و هو حساء معد من دقيق الشعير يميل لونه للاحمر، إلى جانب التمر بطبيعة الحال و الذي غالبا ما يكون مستوردا من الجارة الشقيقة موريتانيا، ناهيك عن اهم مشروب "الزريك" و هو اللبن الذي تتعدد انواعه بين الإبل و الماعز، إلى جانب مشتقاته من زبدة و غيره، ثم الشاي الصحراوي الأصيل الذي تختلف درجة تركيزه في شهر رمضان ليصبح مائلا للسواد بحكم افتقادهم له طيلة النهار، بحيث لطالما تجدهم يرددون عند شرب كأسهم الأول "ذا الكاس زدفني" بما معناه أن كأس الشاي الذي شربت قد عدل مزاجي. بعد الإفطار، وابتلال العروق ينصرف هؤلاء نحو آداء صلاة التراويح، و بمجرد عودتهم تنطلق طقوس اخرى تقترن بتناول الوجبة الرئيسية و هي اللحم الذي يشوى سواء منه الإبل أو الماعز بحكم فوائدهما الصحية الكبيرة. وعن وجبة السحور وجبة السحور، يشتهر المجتمع الصحراوي بأكلة محلية شهيرة و هي "بلغمان"، و الذي لايكاد منزل صحراوي يخلو منه، و يتناولونه على مائدة السحور كوجبة نهائية تقيه الجوع و العطش طيلة اليوم –وقد أشرنا له في حلقة سابقة همت المأكولات الشعبية-. عادة النوبة : يرتبط شهر رمضان عند المسلمين بالجود و الكرم و مثلهم المجتمع الصحراوي، اعتاد خلال الشهر الكريم على ترسيخ عادة "النوبة" باللهجة الحسانية أو "الدور"، و التي تقوم تقوم على دعوة أهل فلان لأهل فلان بغية شرب الشاي او تناول وجبة معينة، لا بد من أن تتضمن اللحم، بحكم أنهم يعدون من بين اكثر مستهلكي اللحوم. هذا التقليد الممارس من طرف العنصر النسوي بشكل خاص، يعد فرصة لممارسة بعض الألعاب الشعبية الرائجة محليا خصوصا "السيك" الذي تتحلق حوله النسوة طمعا في الفوز و لاشيء غيره.