انتظر القائد وصول عونه (المقدم) إلى ساحة التظاهر ليوافيه بالأخبار، عبر رسالة نصية هاتفية يصف له فيها الأجواء وعدد المتظاهرين واللافتات والشعارات التي يرفعون، فكان له ذلك، إذ توصل بعبارة .HAMDA ولدى توصله بالعبارة المشار إليها والمكتوبة بالحروف اللاتينية، اطمأن للوضع، لأنه فهم من رسالة "المقدم" أن القضية "هامدة"، أي أن الأجواء لطيفة ولا وجود لأي مظهر من مظاهر الاحتجاج، ما جعل القائد يطمئن ويضع في بطنه "بتيخة صيفي"، كما يقول المصريون. وظل القائد يتوصل طيلة الصباح برسائل نصية تحمل العبارة نفسها، وكان كلما اتصل به مسؤول كبير للاطمئنان على الأحوال، يقول له إن "القضية هامدة"، وأن كل شيء على ما يرام، وأن الأمن مستتب وأن لا وجود لمتظاهرين، لدرجة أنه حرر تقريرا وجاء فيه "لقد بلغ إلى علمنا أن الأجواء هامدة، وأن الوضع على ما يرام...."، ما جعل المسؤولين يشككون في ما يبلغهم به، ويبحثون عن مصادر أخرى للمعلومة لتقريبهم من الوضع في الساحة موضوع البحث، ليدركوا أن القائد يرفع لهم تقارير مغلوطة وأن التظاهرة والاحتجاج في تلك الساحة التابعة للقائد، "مشتعلة"، وأن الآلاف خرجوا للاحتجاج على الاستبداد والظلم... بمعنى أن القضية ليست "هامدة"، كما وصف لهم. اتصل أحد المسؤولين الكبار بالقائد ليحتج عليه ويبلغه أن تقاريره مغلوطة، وأنه أخل بواجبه وأن "القضية شاعلة" عنده، الأمر الذي فاجأ القائد رغم أنه في البداية أقسم لمسؤول الداخلية أنه "والله للقضية هامدة"، قبل أن يدخل عليه موفده والمقصود عون السلطة، وكان إذاك ما يزال يمسك بهاتفه المحمول ليرد على المسؤول الكبير، ليقول له المقدم "أسيد القايد راه القضية حامضة مالك ما جيتيش"، بمعنى أن عون السلطة ونظرا إلى مستواه الدراسي البسيط اضطر إلى إرسال رسائل نصية بالعامية وكان يقصد من عبارته أن القضية "حامضة" وليست "هامدة". الأمر هنا يتعلق بإحدى الحكايات التي نسجت بعد مظاهرات 20 فبراير، لأجل تقريب المواطنين من واقع مسؤوليهم المعتمدين عليهم في تسيير عدد من الدوائر والمقاطعات والمجالس، وأعوان السلطة، الذين يشكلون أساس أغلب التقارير التي ترفع إلى الجهات العليا... القضية "حامضة وصافي...".