آمال الأطرسي، فرنسية من أصول مغربية، عانت كثيرا في حياتها منذ ولادتها بسبب كراهية والدها للبنات بشكل عام، وهو ما شكل لديها عقدة شديدة طوال حياتها، قبل أن تتعرض للاغتصاب لتصبح منبوذة من الجميع في مجتمع يعتبر الفتاة جانية في جرائم الاغتصاب، مما جعلها تهرب من المغرب إلى فرنسا للابتعاد عن كل ما تعانيه، إلا أن القدر لم يمهلها الراحة التي كانت تنتظرها، فتم القبض عليها لدخولها فرنسا بطريقة غير مشروعة، وفي السجن، نصحها الطبيب النفسي بكتابة يومياتها داخل السجن، كعلاج لها، لتقرر بعد فترة، نشر تلك اليوميات تحت عنوان "الذئبة المسلمة". تقول الأطرسي، في حوار لها مع موقع "ويتشه فيلا": "لم أكن أحلم يوما أن أصبح كاتبةً أو أن أنشر مذكرات عائلية تشكل نوعًا من الاعتراف الصادم، يكون المتهم الأول فيه والدي، الذي كان يكرهني وينعتني بالعاهرة لأنني لم أولد ذكرا".
نقرأ في إحدى فقرات كتابها: "كان أبي يرغب في أن يرزق بابن وليس ببنت، وقال لأمي بعد ولادة أختي الكبرى وهي لا تزال في المستشفى: (أنا متذمر، كان عليك أن تنجبي ولدا، لم تف بوعدك لي)، لقد نجح أبي منذ الصغر في إقناعنا أن المرأة تشكل عقدة نقص، فبدأت أمارس هوايات الذكور وأتخاصم مع الآخرين لأدافع على نفسي".
وتضيف: "ترعرعت وإخوتي في ظروف قاسية، عنوانها الحرمان والفقر بسبب جشع أبي وسوء معاملته لنا بشكل يشبه معاناة ما تحدث عنه (كافكا) بسبب والده، لم يكن أمامي خيار آخر غير القيام بالسرقة انتقاما من ذلك الحرمان، كنت أسرق ملابس رياضية غالية، لم أكن أفعل ذلك لأنني أحب الرياضة، بل لأنني كنت في حاجة إلى نقود، كنت أهدي ما أقوم بسرقته لأخوتي وأقول لهم (أنا بابا نويل)، وكنت سعيدة جدا بذلك لأنني كنت أُدخل الفرحةَ إلى قلوبهم".
وتستكمل: "هربت مع شقيقتي وشقيقي إلى باريس، بعيداً عن الأب، لكن الشرطة وضعت حداً لمغامرات المراهقين، وأعادتنا إلى البيت، بعدها قرر والدي نفينا إلى مدينة الرباط لإعادة تربيتنا وانتزع منا جوازات السفر، وفي الرباط تعرضت للاغتصاب لأصبح منبوذةً من طرف الجميع، وكاد جرحٌ في جسدي أن يؤدي بي إلى الموت لولا نجاحي في العودة إلى فرنسا متخفية وبدون أوراق هوية، بعد عام ونصف من المنفى القسري في سجن العائلة بالعاصمة المغربية الرباط".
وتابعت: "دخلت السجن لأول مرة عندما كان عمري 19 سنة، وحينها زرت طبيبا نفسيا، وفي أول جلسة معه استنتج أن الوضع الصحي لنفسيتي جيد، وسألني عن سبب ارتياحي من وجودي في السجن، فأخبرته بأنني كنت أعيش في عذاب خارج السجن، وبأن السجن أريح لي، لم أكن أرغب في إخبار الطبيب بتفاصيل معاناتي الشخصية والعائلية لأنني لم أكن حينها مستعدة لذلك، فنصحني بكتابة مذكرات يومية أدون فيها ما أعايشه، وهكذا بدأت بالكتابة".
وتطرقت إلى اختيار عنوان الكتاب قائلة: "كنت بصدد قراءة حكاية أطفال لابنتي الصغيرة حول ذئبة ودودة وحنونة تعيش مع أطفالها، تصبح شرسةً كلما حاول أحد الاقتراب من بيتها أو أطفالها، وبعد أن انتهيت من قراءة الحكاية استنتجت أنني أشبه في طبيعتي تلك الذئبة، فأنا أيضا حنونة، غير أني أصبح شرسة عندما يمس أحد بكرامتي أو كرامة أبنائي الأربعة خصوصا البنات منهم".
وعن عائلتها ورد فعلهم تجاه الكتاب: "لم ترحب الأسرة بإصدار المذكرات واعتبرتها شكلا من قلة الحياء تجاه الأب، وقاطعتني واعتبرتني عدوا لها، عدا أحد أشقائي الذي قدم لي الدعم".
واختتمت: "والدي عبر لي أخيرا عن رغبته في الاعتراف بأخطائه، ويتصل يوميًا ليؤكد فخره واعتزازه بي، كما يحاول أن يشرح لي الأسباب التي دفعته لمعاملتي بتلك القسوة، مبررا ذلك بخلفيته الاجتماعية والثقافية المحدودة".